فصل : حكم الماء ! إذا وقع فيه حيوان .
مسألة : قال : واذا مات في الماء اليسير ما ليس له نفس سائلة مثل الذباب والعقرب والخنفساء وما أشبه فلا ينجسه .
النفس ها هنا الدم يعني ما ليس له دم سائل والعرب تسمي الدم نفسا قال الشاعر : .
( أنبئت ان بني سحيم أدخلوا ... أبياتهم تامور نفس المنذر ) .
يعني دمه ومنه قيل للمرأة نفساء لسيلان دمها عند الولادة وتقول العرب : نفست المرأة اذا حاضت ونفست من النفاس وكل ما ليس له دم سائل كالذي ذكره الخرقي من الحيوان البري أو حيوان البحر منه العلق والديدان والسرطان ونحوها لا ينجس بالموت ولا ينجس الماء اذا مات فيه في قول عامة الفقهاء قال ابن المنذر لا أعلم في ذلك خلافا الا ما كان من أحد قولي الشافعي قال : فيها قولان أحدهما ينجس قليل الماء قال بعض أصحابه : وهو القياس والثاني لا ينجس وهو الأصلح للناس فأما الحيوان في نفسه فهو عنده نجس قولا واحدا لأنه حيوان لا يؤكل لا لحرمته فينجس بالموت كالبغل والحمار .
ولنا : قول النبي A : [ اذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء ] رواه البخاري و أبو داود وفي لفظ [ اذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه يما وفي الآخر شفاء ] قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله A قال ذلك قال الشافعي : مقله ليس بقتله قلنا : اللفظ عام في كل شراب بارد أو حار أو دهن مما يموت يغمسه فيه فلو كان ينجس الماء كان أمرا بافساده وقد روي أن النبي A [ قال لسلمان : يا سلمان أيما طعام أو شراب ماتت فيه دابة ليست لها نفس سائلة فه الحلال أكله وشربه ووضوءه ] وهذا صريح أخرجه الترمذي و الدارقطني قال الترمذي : يرويه بقية وهو مدلس فإذا روي عن الثقات جود ولأنه لا نفس له سائلة لم يتولد من النجاسة فأشبه دود الخل اذا مات فيه فإنهم سلموا ذلك ونجوه أنه لا ينجس المائع الذي تولد منه إلا أن يؤخذ ثم يطرح فيه أو يشق الاحتراز منه أشبه ما ذكرنا فاذا ثبت أنه لا ينجس لزم أن لا يكون نجسا لأنه لو كان نجسا كسائر النجاسات .
فصل : فان غير الماء فحكمه حكم الطاهرات إن كان مما لا يمكن التحرز منه كالجراد يتساقط في الماء ونحوه فهو كورق الشجر المتناثر في الماء يعقى عنه وإن كان مما يمكن التحرز منه كالذي يلقى في الماء قصدا فهو كالورق الذي يلقى في الماء ولو تغير الماء بحيوان مذكى من غير أن يصيب نجاسة فقد نقل إسحاق بن منصور قا ل : سئل أحمد عن شاة مذبوحة وقعت في ماء فتغير ريح الماء ؟ قا للا بأس إنما ذلك اذا كان من نجاسة وقال عبد الله بن أحمد : قال أبي وأما السمك اذا غير الماء فأرجو أن لا يكون به بأس