فصل : لا يجوز للمشركين دخول الحرم .
فصل : فأما الحرم فليس لهم دخوله بحال وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لهم دخوله كالحجاز كله ولا يستوطنون به ولهم دخول الكعبة والمنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف كالحجاز .
ولنا قول الله تعالى : { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } والمراد به الحرم بدليل قوله تعالى : { وإن خفتم عيلة } يريد ضررا بتأخير الجلب عن الحرم دون المسجد ويجوز تسمية الحرم المسجد الحرام بدليل قول الله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } وإنما أسرى به من بيت أم هانىء من خارج المسجد ويخالف الحجاز لأن الله تعالى منع منه مع إذنه في الحجاز فان هذه الآية نزلت واليهود بخيبر والمدينة وغيرهما من الحجاز ولم يمنعوا من الاقامة به وأول من أجلاهم عمر Bه ولأن الحرم أشرف لتعلق النسك به ويحرم صيده وشجره والملتجىء اليه فلا يقاس غيره عليه فان أراد كافر الدخول اليه منع منه فان كانت معه ميرة أو تجارة خرج إليه من يشتري منه ولم يترك هو يدخل وان كان رسولا الى امام بالحرم خرج إليه من يسمع رسالته ويبلغها إياه فان قال : لا بد لي من لقاء الامام وكانت المصلحة في ذلك خرج اليه الامام ولم يأذن له في الدخول فان دخل الحرم عالما بالمنع عزر وان دخل جاهلا نهي وهدد فان مرض بالحرم أو مات أخرج ولم يدفن به لأن حرمة الحرم أعظم ويفارق الحجاز من وجهين : .
أحدهما : ان دخوله إلى الحرم حرام واقامته به حرام بخلاف الحجاز والثاني أن خروجه من الحرم سهل ممكن لقرب الحل منه وخروجه من الحجاز في مرضه صعب ممتنع وان دفن نبش وأخرج إلا أن يصعب إخراجه لنتنه وتقطعه وان صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض فالصلح باطل فان دخلوا الى الموضع الذي صالحهم عليه لم يرد عليهم العوض لأنهم قد استوفوا ما صالحهم عليه وان وصلوا إلى بعضه أخذ من العوض بقدره ويحتمل أن يرد عليهم بكل حال لأن ما استوفوه لا قيمة له والعقد لم يوجب العوض لكونه باطلا