فصل : حكم من طلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شعائر الإسلام .
فصل : ومن طلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام وجب أن يعطاه ثم يرد إلى مأمنه لا نعلم في هذا خلافا وبه قال قتادة و مكحول و الأوزاعي و الشافعي وكتب عمر بن عبد العزيز بذلك إلى الناس وذلك لقول الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه } قال الأوزاعي : هي إلى يوم القيامة ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن [ لأن النبي A كان يؤمن رسل المشركين ولما جاءه رسولا مسيلمة قال : لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما ] ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك فاننا لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت مصلحة المراسلة ويجوز عقد الأمان لكل واحد منهما مطلقا ومقيدا بمدة سواء كانت طويلة أو قصيرة بخلاف الهدنة فانها لا تجوز إلا مقيدة لأن في جوازها مطلقا تركا للجهاد وهذا بخلافه قال القاضي : ويجوز أن يقيموا مدة الهدنة بغير جزية قال أبو بكر : وهذا ظاهر كلام أحمد لأنه قيل له : قال الأوزاعي : لا يترك المشرك في دار الاسلام إلا أن يسلم أو يؤدي فقال أحمد : إذا أمنته فهو على ما أمنته وظاهر هذا أنه خالف قول الأوزاعي .
وقال أبو الخطاب : عندي أنه لا يجوز أن يقيم سنة بغير جزية وهذا قول الأوزاعي و الشافعي لقول الله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } ووجه الأول أن هذا كافر أبيح له الإقامة في دار الاسلام من غير التزام جزية فلم تلزمه جزية كالنساء والصبيان ولأن الرسول لو كان ممن لا يجوز أخذ الجزية منه يستوي في حقه السنة فما دونها في أن الجزية لا تؤخذ منه في المدتين فاذا جازت له الإقامة في أحدهما جازت في الأخرى قياسا لها عليها وقوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية } أي يلتزمونها ولم يرد حقيقة الإعطاء وهذا مخصوص منها بالاتفاق فانه يجوز له الاقامة من غير التزام لها ولأن الآية تخصصت بما دون الحول فتقيس على المحل المخصوص