فصول : في الأسرى وحكمهم .
فصل : وان أسلم الاسير صار رقيقا في الحال وزال التخيير وصار حكمه حكم النساء وبه قال الشافعي في أحد قوليه وفي الآخر يسقط القتل ويتخير بين الخصال الثلاث لما روي [ أن أصحاب الرسول A أسروا رجلا من بني عقيل فمر به النبي A فقال : يا محمد علام أخذت وأخذت سابقة الحاج فقال : أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف فقد أسرت رجلين من أصحابي فمضى النبي A فناداه : يا محمد يا محمد فقال له : ما شأنك فقال : إني مسلم فقال : لوقلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل الفلاح وفادى به النبي A الرجلين ] رواه مسلم ولأنه سقط القتل بإسلامه فبقي باقي الخصال على ما كانت عليه .
ولنا أنه أسير يحرم قتله فصار رقيقا كالمرأة والحديث لا ينافي رقه فقد يفادى بالمرأة وهي رقيق كما [ روى سلمة بن الاكوع أنه غزا مع ابي بكر فنفله امرأة فوهبها للنبي A فبعث بها إلى أهل مكة وفي ايديهم أسارى ففداهم بتلك المرأة ] إلا أنه لا يفادى به ولا يمن عليه إلا باذن الغانمين لأنه صار مالا لهم ويحتمل أن يجوز المن عليه لأنه كان يجوز المن عليه مع كفره فمع إسلامه أولى لكون الاسلام حسنة يقتضي إكرامه والانعام عليه لا منع ذلك في حقه ولا يجوز رده إلى الكفار إلا أن يكون له ما يمنعه من المشركين من عشيرة أو نحوها وإنما جاز فداؤه لأنه يتخلص به من الرق فأما إن أسلم قبل أسره حرم قتله واسترقاقه والمفاداة به سواء أسلم وهو في حصن أو جوف أو مضيق أو غير ذلك لانه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد .
فصل : فإن سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم على إعطاء الجزية لم يجز ذلك في نسائهم وذراريهم لأنهم صاروا غنيمة بالسبي وأما الرجال فيجوز ذلك فيهم ولا يزول التخيير الثابت فيهم وقال أصحاب الشافعي : يحرم قتلهم كما لو أسلموا .
ولنا أنه بدل لا تلزم الإجابة إليه فلم يحرم قتلهم كبدل عبدة الأوثان .
فصل : وإذا أسر العبد صار رقيقا للمسلمين لأنه مال لهم استولي عليه فكان للغانمين كالبهيمة وان رأى الامام قتله لضرر في بقائه جاز قتله لأن مثل هذا لا قيمة له فهو كالمرتد وأما من يحرم قتلهم غير النساء والصبيان كالشيخ والزمن والاعمى والراهب فلا يحل سبيهم لأن قتلهم حرام ولا نفع في اقتنائهم .
فصل : ذكر أبو بكر أن الكافر إذا كان مولى مسلم لم يجز استرقاقه لأن في استرقاقه تفويت ولاء المسلم المعصوم وعلى قوله لا يسترق ولده أيضا إذا كان عليه ولاء لذلك وإن كان معتقه ذميا جاز استرقاقه لأن سيده يجوز استرقاقه فاسترقاق مولاه أولى وهذا مذهب الشافعي وظاهر كلام الخرقي جواز استرقاقه لأنه يجوز قتله وهو من اهل الكتاب فجاز استرقاقه كغيره ولأن سبب جواز الاسترقاق قد تحقق فيه وهو الاستيلاء عليه مع كون مصلحة المسلمين في استرقاقه ولأنه إن كان المسبي امرأة أو صبيا لم يجز فيه سوى الاسترقاق فيتعين ذلك فيه وما ذكره يبطل بالقتل فانه يفوت الولاء وهو جائز فيه وكذلك من عليه ولاء لذمي يجوز استرقاقه وقولهم ان سيده يجوز استرقاقه غير صحيح فان الذمي لا يجوز استرقاقه ولا تفويت حقوقه وقد قال علي Bه : إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا