مسألة : يقاتل أهل الكتاب والمجوس ولا يدعون .
مسألة : قال : ويقاتل أهل الكتاب والمجوس ولا يدعون لأن الدعوة قد بلغتهم ويدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا .
أما قوله في أهل الكتاب والمجوس : لا يدعون قبل القتال فهو على عمومه لأن الدعوة قد انتشرت وعمت فلم يبق منهم من لم تبلغه الدعوة إلا نادر بعيد وأما قوله : يدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا فليس بعام فان من بلغته الدعوة منهم لا يدعون وإن وجد منهم من لم تبلغه الدعوة دعي قبل القتال وكذلك إن وجد من أهل الكتاب من لم تبلغه الدعوة دعوا قبل القتال .
قال أحمد : إن الدعوة قد بلغت وانتشرت ولكن إن جاز أن يكون قوم خلف الروم وخلف الترك على هذه الصفة لم يجز قتالهم قبل الدعوة وذلك لما روى بريدة قال : [ كان النبي A إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أمره بتقوى الله في خاصته وبمن معه من المسلمين وقال : إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيتهن أجابوك اليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الاسلام فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فان هم ابوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فان ابوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ] رواه أبو داود و مسلم وهذا يحتمل أنه كان في بدء الأمر قبل انتشار الدعوة وظهور الاسلام فأما اليوم فقد انتشرت الدعوة فاستغني بذلك عن الدعاء عند القتال قال أحمد : كان النبي A يدعو الى الاسلام قبل أن يحارب حتى أظهر الله الدين وعلا الاسلام ولا أعرف اليوم أحدا يدعى قد بلغت الدعوة كل أحد فالروم قد بلغتهم الدعوة وعلموا ما يراد منهم وإنما كانت الدعوة في أول الاسلام وإن دعا فلا بأس وقد روى ابن عمر Bه [ أن النبي A أغار على بني المصطلق وهم غارون آمنون وإبلهم تسقى على الماء فقتل المقاتلة وسبى الذرية ] متفق عليه وعن الصعب بن جثامة قال : [ سمعت رسول الله A يسأل عن الديار من ديار المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال : هم منهم ] متفق عليه [ وقال سلمة بن الأكوع : أمر رسول الله A أبا بكر فغزونا من المشركين فبيتناهم ] رواه أبو داود ويحتمل أن يحمل الأمر بالدعوة في حديث بريدة على الاستحباب فانها مستحبة في كل حال وقد روي [ أن النبي A أمر عليا حين اعطاه الراية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم أن يدعوهم وهم ممن بلغتهم الدعوة ] رواه البخاري ودعا خالد بن الوليد طليحة الاسدي حين تنبأ فلم يرجع فأظهره الله عليه ودعا سلمان أهل فارس فإذا ثبت هذا فان كان المدعو من أهل الكتاب أومجوسا دعاهم الى الاسلام فان أبوا دعاهم إلى اعطاء الجزية فان أبوا قاتلهم وإن كانوا من غيرهم دعاهم إلى الاسلام فان أبوا قاتلهم ومن قتل قبل الدعاء لم يضمن لأنه لا إيمان له ولا أمان فلم يضمن كنساء من بلغته الدعوة وصبيانهم