مسألة : الجهاد فرض على الكفاية .
مسألة : قال : والجهاد فرض على الكفاية اذا قام به قوم سقط عن الباقين .
معنى فرض الكفاية الذي إن لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم وإن قام به من يكفي سقط عن سائر الناس فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع كفرض الاعيان ثم يختلفان في أن فرض الكفاية يسقط بفعل بعض الناس له وفرض الاعيان لا يسقط عن أحد بفعل غيره والجهاد من فروض الاعيان لقول الله تعالى : { انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } ثم قال : { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } وقوله سبحانه : { كتب عليكم القتال } وروى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ] .
ولنا قول الله تعالى : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى } وهذا يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم وقال الله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا } ولأن رسول الله A كان يبعث السرايا ويقيم وهو وسائر أصحابه فأما الآية التي احتجوا بها فقد قال ابن عباس : نسخها قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } رواه الأثرم و أبو داود ويحتمل أن أراد حين استنفرهم النبي A إلى غزوة تبوك وكانت إجابتهم إلى ذلك واجبة عليهم ولذلك هجر النبي A كعب بن مالك وأصحابه الذين خلفوا حتى تاب الله عليهم بعد ذلك وكذلك يجب على من استنفره الإمام لقول النبي A : [ وإذا استنفرتم فانفروا ] متفق عليه ومعنى الكفاية في الجهاد أن ينهض للجهاد قوم يكفون في قتالهم إما أن يكونوا جندا لهم دواوين من أجل ذلك أو يكونوا قد أعدوا أنفسهم له تبرعا بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة بهم ويكون في الثغور من يدفع العدو عنها ويبعث في كل سنة جيش يغيرون على العدو في بلادهم