حكم الفضة والذهب على القدح والسيف .
مسألة : قال : إن كان قدح عليه ضبة فشرب من غير موضع الضبة فلا بأس .
وجملة ذلك أن الضبة من الفضة تباح بثلاثة شروط : أحدها أن تكون يسيرة الثاني أن تكون من الفضة فأما الذهب فلا يباح وقليله وكثيره حرام وروي عن أبي بكر أنه رخص في يسير الذهب .
الثالث : أن يكون للحاجة أعني أنه جعلها لمصلحة وانتفاع مثل أن تجعل على شق أو صدع وإن قام غيرها مقامها وقال القاضي : ليس هذا بشرط ويجوز اليسير من غير حاجة إذا لم يباشر بالاستعمال وانما كره أحمد الحلقة ونحوها لأنها تباشر بالاستعمال وممن رخص في ضبة الفضة سعيد بن جبير وميسرة وزاذان و طاوس و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر وأصحاب الرأي و إسحاق وقال : قد وضع عمر بن عبد العزيز فاه بين ضبتين وكان ابن عمر لا يشرب من قدح فيه حلقة فضة ولا ضبة منها وكره الشرب في الإناء المفضض علي بن الحسين و عطاء وسالم والمطلب بن عبد الله بن حنطب ونهت عائشة أن يضبب الآنية أو يحلقها بالفضة ونحو ذلك قول الحسن و ابن سيرين ولعل هؤلاء كرهوا ما قصد به الزينة أو كان كثيرا أو يستعمل فيكون قولهم وقول الأولين واحدا ولا يكون في المسألة خلاف فأما اليسير كتشعيب القدح ونحوه فلا بأس [ لأن النبي A كان له قدح فيه سلسلة من فضة شعب بها ] رواه البخاري بمعناه ولأن ذلك يسير من الفضة فأشبه الخاتم وكره أحمد أن يباشر موضع الضبة بالاستعمال فلا يشرب من موضع الضبة لأنه يصير كالشارب من إناء فضة وكره الحلقة من فضة لأن القدح يرفع بها فيباشرها بالاستعمال وكذلك ما أشبهه .
فصل : ولا بأس بقبيعة السيف من فضة لما [ روى أنس قال : كانت قبيعة سيف رسول الله A فضة ] رواه الأثرم و أبو داود و الترمذي وقال : حديث حسن وقال هشام بن عروة : وكان سيف الزبير محلى بالفضة أنا رأيته ولا بأس من الخاتم من الفضة لأن النبي A كان له خاتم من فضة ثم لبسه أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتى سقط منه في بئر أريس وصح ذلك عنهم وقال سعيد : البس الخاتم وأخبر أني أفتيتك بذلك فقد روى أبو ريحانة عن النبي A أنه كره عشر خلال وفيها الخاتم إلا لذي سلطان قال أحمد : إنما هذا يرويه أهل الشام وحدث أحمد بحديث أبي ريحانة فلما بلغ الخاتم تبسم المتعجب ثم قال أهل الشام وإنما قال أحمد ذلك لأن الأحاديث قد صحت عن النبي A واستفاضت بإباحته وأجمع عليه أصحاب رسول الله A ومن بعدهم من العلماء فإذا جاء حديث شاذ يخالف ذلك لم يعرج عليه وإن صح ذلك حمل على التنزيه .
فصل : : قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله الحلية لحمائل السيف ؟ فسهل فيها وقال : قد روي سيف محلى ولأنه من حلية السيف فأشبه القبيعة ولذلك يخرج في حلية الدرع والمغفر والخوذة والخف والران ولأنه في معناه وقيل لأبي عبد الله : حلقة المرآة فضة ورأس المكحلة فضة وما أشبه هذا قال : كل شيء يستعمل مثل حلقة المرآة فأنا أكرهه لأنه يستعمله فإن المرآة ترفع بحلقتها ثم قال : إنما هذا تأويل تأولته أنا .
فصل : ولا يباح شيء من ذلك إذا كان ذهبا إلا أنه قد روي أنه تباح قبيعة السيف قال أحمد : قد روي أنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب وروى الترمذي باسناده عن مزيدة العصري قال : [ دخل رسول الله A يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة ] وقال : هذا حديث غريب ولا يباح الذهب في غير هذا إلا لضرورة كأنف الذهب وما ربط به أسنانه إذا تحركت وقال أبو بكر : يباح يسير الذهب قياسا له على الفضة لكونه أحد الثمنين فأشبه الآخر وقد ذكرنا هذا في غير هذا الموضع