كتاب الأشربة .
الخمر محرم بالكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } إلى قوله { فهل أنتم منتهون } وأما السنة فقول النبي A : [ كل مسكر خمر وكل خمر حرام ] رواه أبو داود والامام أحمد وروى عبد الله بن عمر أن النبي A قال : [ لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ] رواه أبو داود وثبت عن النبي A تحريم الخمر باخبار تبلغ بمجموعها رتبة التواتر وأجمعت الأمة على تحريمه وإنما حكي عن قدامة بن مظعون وعمرو بن معد يكرب وأبي جندل بن سهيل أنهم قالوا : هي حلال لقول الله تعالى : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية فبين لهم علماء الصحابة معنى هذه الآية وتحريم الخمر وأقاموا عليهم الحد لشربهم إياها فرجعوا الى ذلك فانعقد الاجماع فمن استحلها الآن فقد كذب النبي A لأنه قد علم ضرورة من جهة النقل تحريمه فيكفر بذلك ويستتاب فإن تاب وإلا قتل .
وروى الجوزجاني باسناده عن ابن عباس : أن قدامة بن مظعون شرب الخمر فقال له عمر : ما حملك على ذلك ؟ فقال : ان الله D يقول : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } وإني من المهاجرين الاولين من أهل بدر وأحد فقال عمر للقوم : أجيبوا الرجل فسكتوا عنه فقال لابن عباس : أجبه فقال : إنما أنزلها الله تعالى عذرا للماضين لمن شربها قبل أن تحرم وأنزل : { إنما الخمر والميسر و الأنصاب } حجة على الناس ثم سأل عمر عن الحد فيها فقال علي بن أبي طالب : إذا شرب هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه ثمانين فجلده عمر ثمانين جلدة .
وروى الواقدي أن عمر قال له : اخطأت التأويل يا قدامة إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله عليك وروى الخلال باسناده عن محارب بن دثار أن أناسا شربوا بالشام الخمر فقال لهم يزيد بن أبي سفيان : شربتم الخمر ؟ قالوا : نعم بقول الله تعالى : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية فكتب فيهم إلى عمر بن الخطاب فكتب اليه : إن أتاك كتابي هذا نهارا فلا تنتظر بهم إلى الليل وإن إتاك ليلا فلا تنظر بهم نهارا حتى تبعث بهم إلي لئلا يقتنوا عباد الله فبعث بهم إلى عمر فشاور فيهم الناس فقال لعلي : ما ترى ؟ فقال : أرى أنهم قد شرعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه فان زعموا أنها حلال فاقتلهم فقد أحلوا ما حرم الله وان زعموا أنها حرام فاجلدوهم ثمانين ثمانين فقد افتروا على الله وقد أخبرنا الله D بحد ما يفتري بعضنا على بعض فحدهم عمر ثمانين ثمانين إذا ثبت هذا فالمجمع على تحريمه عصير العنب إذا اشتد وقذف زبده وما عداه من الأشربة المسكرة فهو محرم وفيه اختلاف نذكره إن شاء الله تعالى