فصل : حكم من تاب من عليه حد من غير المحاربين .
فصل : وإن تاب من عليه حد من غير المحاربين وأصلح ففيه روايتان : .
إحداهما : يسقط عنه لقول الله تعالى : { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } وذكر حد السارق ثم قال : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه } وقال النبي A : [ التائب من الذنب كمن لا ذنب له ] ومن لا ذنب له لا حد عليه وقال في ماعز لما أخبر بهربه : [ هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ] ولأنه خالص حق الله تعالى فيسقط بالتوبة كحد المحارب .
والرواية الثانية : لا يسقط وهو قول مالك و أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي لقول الله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وهذا عام في التائبين وغيرهم وقال تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ولأن النبي A رجم ماعزا والغامدية وقطع الذي أقر بالسرقة وقد جاءوا تائبين يطلبون التطهير باقامة الحد وقدسمى رسول الله A فعلهم توبة فقال في حق المرأة : [ لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ] وجاء عمرو بن سمرة إلى النبي A فقال : يا رسول الله إني سرقت جملا لبني فلان فطهرني وقد أقام رسول الله صلى الله عليه سلم الحد عليهم ولأن الحد كفارة فلم يسقط بالتوبة ككفارة اليمين والقتل ولأنه مقدور عليه فلم يسقط عنه الحد بالتوبة كالمحارب بعد القدرة عليه فإن قلنا بسقوط الحد بالتوبة فهل يسقط بمجرد التوبة أو بها مع إصلاح العمل ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : يسقط بمجردها وهو ظاهر قول أصحابنا لأنها توبة مسقطة للحد فأشبهت توبة المحارب قبل القدرة عليه .
والثاني : يعتبر اصلاح العمل لقول الله تعالى : { فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } وقال : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه } فعلى هذا القول يعتبر مضي مدة يعلم بها صدق توبته وصلاح نيته وليست مقدرة بمدة معلومة وقال بعض أصحاب الشافعي : مدة ذلك سنة وهذا توقيت بغير توقيف فلا يجوز