فصول : الاجتهاد والتقليد في وقت دخول الصلاة .
فصل : إذا شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخوله أو يغلب على ظنه ذلك مثل من هو ذو صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة أو قاريء جرت عادته بقراءة جزء فقرأه وأشباه هذا فمتى فعل ذلك وغلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة ويستحب تأخيرها قليلا احيتاطا لتزداد غلبة ظنه إلا أن يخشى خروج الوقت أن تكون صلاة العصر في وقت الغيم فانه يستحب التبكير بها لما [ روى بريدة قال : كنا مع رسول الله A فقال : بكروا بصلاة العصر في الغيم فأنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله ] رواه البخاري و ابن ماجة ومعناه والله أعلم التبكير بها إذا دخل وقت فعلها ليقين أو غلبة ظن وذلك لأن وقتها المختار في زمن الشتاء يضيق فيخشى خروجه .
فصل : ومن أخبره ثقة عن علم عمل به لأنه خبر ديني فقيل فيه قول الواحد كالرواية وإن أخبره عن اجتهاده لم يقلده واجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه فلم يصل باجتهاد غيره كحالة اشتباه القبلة والبصير والأعمى والمطمور القادر على التوصل إلى الاستدلال سواء لاستوائهم في إمكان التقدير بمرور الزمان كما بينا فمتى صل في هذه المواضع فبان أنه وافق الوقت أو بعده أجزأه لأنه أدى ما فرض عليه وخوطب بأدائه وإن بان أنه صلى قبل الوقت لم يجزه لأن المخاطبة بالصلاة وسبب الوجوب وجد بعد فعله فلم يسقط حكمه بما وجد قبله وأن صلى من غير دليل مع الشك لم تجزه صلاته سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى مع الشك في شرط الصلاة من غير دليل فلم يصح كما لو اشتبهت عليه القبلة فصلى من غير اجتهاد .
فصل : وإذا سمع الأذان من ثقة عالم بالوقت فله تقليده لأن الظاهر أنه لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت فجرى مجرى خبره وقد قال النبي A : [ المؤذن مؤتمن ] رواه أبو داود ولولا أنه يقلد ويرجع إليه ما كان مؤتمنا وجاء عنه عليه السلام أنه قال : [ خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين : صلاتهم وصيامهم ] رواه ابن ماجة ولأن الأذان مشروع للإعلام بالوقت فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكم التي شرع الأذان من أجلها ولم يزل الناس يجتمعون في مساجدهم وجوامعهم في أوقات الصلاة فإذا سمعوا الأذان قاموا إلى الصلاة وبنوا على أذان المؤذن من غير اجتهاد ولا مشاهدة ما يعرفونه من غير نكير فكان إجماعا