مسألة وفصول : حكم القذف بعمل قوم لوط .
مسألة : قال : واذا قال له : يا لوطي سئل عما اراد فان قال : أردت انك من قوم لوط فلا شيء عليه وإن قال : أردت أنك تعمل عمل قوم لوط فهو كمن قذف بالزنا .
في هذه المسألة فصلان : .
الفصل الأول : أن من قذف رجلا بعمل قوم لوط إما فاعلا وإما مفعولا فعليه حد القذف وبه قال الحسن و النخعي و الزهري و مالك و أبو يوسف و محمد بن الحسن و أبو ثور وقال عطاء و قتادة و أبو حنيفة : لا حد عليه لأنه قذف بما لا يوجب الحد عنده وعندنا هو موجب للحد وقد بيناه فيما مضى وكذلك لو قذف امرأة أنها وطئت في دبرها أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها فعليه الحد عندنا وعند أبي حنيفة لا حد عليه ومبنى الخلاف ههنا على الخلاف في وجوب حد الزنا على فاعل ذلك وقد تقدم الكلام فيه فأما إن قذفه بإتيان بهيمة انبنى ذلك على وجوب الحد على فاعله فمن أوجب الحد على فاعله أوجب حد القذف على القاذف به ومن لا فلا وكل ما لا يجب الحد بفعله لا يجب الحد على القاذف به كما لو قذف إنسانا بالمباشرة دون الفرج أو بالوطء بالشبهة أو قذف امرأة بالمساحقة أو بالوطء مستكرهة لم يجب الحد على القاذف ولأنه رماه بما لا يوجب الحد فأشبه ما لو قذفه باللمس والنظر وكذلك لو قال : يا كافر يا فاسق يا سارق يا منافق يا فاجر يا خبيث يا أعور يا أقطع يا أعمى ابن الزمن الاعمى الأعرج فلا حد في ذلك كله لأنه قذف بما لا يوجب الحد فلم يوجب الحد كما لو قال : يا كاذب يا نمام ولا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم ولكنه يعزر لسب الناس واذاهم فأشبه ما لو قذف من لا يوجب قذفه الحد .
الفصل الثاني : أنه إذا قال : أردت أنك من قوم لوط فاختلفت الرواية عن أحمد فروى عنه جماعة أنه يجب عليه الحد بقوله : يا لوطي ولا يسمع تفسيره بما يحيل القذف وهذا اختيار أبي بكر ونحوه قال الزهري و مالك والرواية الثانية أنه لا حد عليه نقلها المروذي ونحو هذا قال الحسن و النخعي قال الحسن : إذا قال نويت أن دينه دين لوط فلا حد عليه وإن قال : أردت أنك تعمل عمل قوم لوط فعليه الحد ووجه ذلك أنه فسر كلامه بما لا يوجب الحد فلم يجب عليه حد كما لو فسره به متصلا بكلامه وروي عن أحمد رواية ثالثة أنه إذا كان في غضب قال : إنه لأهل أن يقام عليها لحد لأن قرينة الغضب تدل على إرادة القذف بخلاف حال الرضا والصحيح في المذهب الرواية الأولى لأن هذه الكلمة لا يفهم منها إلا القذف بعمل قوم لوط فكانت صريحة فيه كقوله : يا زاني ولأن قوم لوط لم يبق منهم أحد فلا يحتمل أن ينسب إليهم .
فصل : وإن قال : أردت أنك على دين لوط أو أنك تحب الصبيان أو تقبلهم أو تنظر إليهم أو أنك تتخلق بأخلاق قوم لوط في أنديتهم غير إتيان الفاحشة أو أنك تنهى عن الفاحشة كنهي لوط عنها أو نحو ذلك خرج في هذا كله وجهان بناء على الروايتين المنصوصتين في المسألة لأن هذا في معناه