فصل : إذا لم تكمل شهود الزنا فعليهم الحدود .
فصل : وإذا لم تكمل شهود الزنا فعليهم الحد في قول أكثر أهل العلم منهم مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وذكر أبو الخطاب فيهم روايتين وحكي عن الشافعي فيهم قولان : أحدهما لا حد عليهم لأنهم شهود فلم يجب عليهم الحد كما لو كانوا أربعة أحدهم فاسق .
ولنا قول الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } وهذا يوجب الجلد على كل رام لم يشهد بما قال أربعة ولأنه إجماع الصحابة فان عمر جلد أبا بكرة وأصحابه حين لم يكمل الرابع شهادته بمحضر من الصحابة فلم ينكره أحد .
وروى صالح في مسائله باسناده عن أبي عثمان النهدي قال : جاء رجل إلى عمر فشهد على المغيرة بن شعبة فتغير لون عمر ثم جاء آخر فشهد فتغير لون عمر ثم جاؤ آخر فشهد فاستكبر ذلك عمر ثم جاء شاب يخطر بيديه فقال عمر : ما عندك يا سلح العقاب ؟ وصاح به عمر صيحة فقال أبو عثمان : والله لقد كدت يغشى علي فقال : يا أمير المؤمنين رأيت أمرا قبيحا فقال : الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد A قال : فأمر بأولئك النفر فجلدوا .
وفي رواية ان عمر لما شهد عنده على المغيرة شهد ثلاثة وبقي زياد فقال عمر : أرى شابا حسنا وأرجو أن لا يفضح الله على لسانه رجلا من أصحاب محمد رسول الله A فقال : يا أمير رأيت أستا تنبو ونفسا يعلو ورأيت رجليها فوق عنقه كأنهما أذنا حمار ولا أدري ما وراء ذلك ؟ فقال عمر : الله أكبر وأمر بالثلاثة فضربوا وقول عمر يا سلح العقاب معناه أنه يشبه سلح العقاب الذي يحرق كل شيء أصابه كذلك هذا توقع العقوبة بأحد الفريقين لا محالة إن كملت شهادته حد المشهود عليه وإن لم تكمل حد أصحابه فان قيل : فقد خالفهم أبو بكرة وأصحابه الذين شهدوا قلنا لم يخالفوا في وجوب الحد عليهم إنما خالفوهم في صحة ما شهدوا به ولأنه رام بالزنا لم يأت بأربعة شهداء فيجب عليه الحد كما لو لم يأت بأحد