مسألة : من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاء البقاء عليه حتى يتم الحد .
مسألة : قال : ولا ينزع عن اقراره حتى يتم عليه الحد .
وجملته ان من شرط إقامة الحد بالأقرار البقاء عليه إلى تمام الحد فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه وبهذا قال عطاء و يحيى بن يعمر و الزهري و حماد و مالك و الثوري و الشافعي و اسحاق و ابو حنيفة و أبو يوسف وقال الحسن و سعيد بن جبير و ابن أبي ليلى : يقام عليه الحد ولا يترك لأن ماعزا هرب فقتلوه ولم يتركوه وروي أنه قال : ردوني إلى رسول الله A فان قومي هم غروني من نفسي واخبروني أن رسول الله A غير قاتلي : فلم ينزعوا عنه حتى قتلوه أخرجه أبو داود ولو قبل رجوعه للزمتهم ديته ولأنه حق وجب باقراره فلم يقبل رجوعه كسائر الحقوق وحكي عن الأوزاعي أنه إن رجع حد للفرية على نفسه وإن رجع عن السرقة والشرب ضرب دون الحد .
ولنا ان ماعزا هرب فذكر النبي A فقال : [ هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ] قال ابن عبد البر : ثبت من حديث أبي هريرة و جابر و نعيم بن هزال و نصر بن داهر وغيرهم أن ماعزا لما هرب فقال لهم : ردوني إلى رسول الله A فقال : [ هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ] ففي هذا أوضح الدلائل على أنه يقبل رجوعه وعن بريدة قال : [ كنا أصحاب رسول الله A نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو قال : لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما عند الرابعة ] رواه أبو داود ولأن رجوعه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولأن الاقرار إحدى بينتي الحد فيسقط بالرجوع عنه كالبينة إذا رجعت قبل إقامة الحد وفارق سائر الحقوق فانها لا تدرأ بالشبهات وإنما لم يجب ضمان ماعز على الذين قتلوه بعد هربه لأنه ليس بصريح في الرجوع إذا ثبت هذا فانه إذا هرب لم يتبع لقول النبي A : [ هلا تركتموه ؟ ] وإن لم يترك وقتل لم يضمن لأن النبي A لم يضمن ماعزا من قتله ولأن هربه ليس بصريح في رجوعه وإن قال : ردوني إلى الحاكم وجب رده ولم يجز إتمام الحد فإن أتم فلا ضمان على من أتمه لما ذكرنا في هربه وإن رجع عن إقراره وقال : كذبت في إقراري أو رجعت عنه أو لم أفعل ما أقررت به وجب تركه فإن قتله قاتل بعد ذلك وجب ضمانه لأنه قد زال إقراره بالرجوع عنه فصار كمن لم يقر ولا قصاص على قاتله لأن أهل العلم اختلفوا في صحة رجوعه فكان اختلافهم شبهة دارئة للقصاص ولأن صحة الإقرار مما يخفى فيكون ذلك عذرا مانعا من وجوب القصاص