فصل : حكم من وطىء جارية غيره .
فان وطىء جارية غيره فهو زان سواء كان ياذنه أو غير إذنه لأن هذا مما لا يستباح بالبذل والإباحة وعليه الحد إلا في موضعين : أحدهما الأب إذا وطىء جارية ولده فانه لا حد عليه في قول أكثر أهل العلم منهم مالك وأهل المدينة و الأوزاعي و الشافعي و أصحاب الرأي وقال أبو ثور و ابن المنذر : عليه الحد إلا أن يمنع منه إجماع لأنه وطء في غير ملك أشبه وطء جارية أبيه .
ولنا أنه وطء تمكنت الشبهة منه فلا يجب به الحد كوطء الجارية المشتركة والدليل على تمكن الشبهة قول النبي A : [ أنت ومالك لأبيك ] فأضاف مال ولده اليه وجعله له فاذا لم تثبت حقيقة الملك فلا أقل من جعله شبهة دارئة للحد الذي يندرىء بالشبهات ولأن القائلين بانتفاء الحد في عصر مالك و الأوزاعي ومن وافقهما قد اشتهر قولهم ولم يعرف لهم مخالف فكان ذلك إجماعا ولا حد على الجارية لأن الحد انتفى عن الواطىء لشبهة الملك فينتفي عن الموطوءة كوطء الجارية المشتركة ولان الملك من قبيل المتضايقات إذا ثبت في أحد المتضايفين ثبت في الآخر فكذلك شبهته ولا يصح القياس على وطء جارية الاب لأنه لا ملك للولد فيها ولا شبهة ملك بخلاف مسألتنا وذكر ابن أبي موسى قولا في وطء جارية الأب والأم أنه لا يحد لأنه لا يقطع بسرقة ماله أشبه الاب والأول أصح وعليه عامة أهل العلم فيما علمناه .
الموضع الثاني : إذا وطىء جارية امرأته بإذنها فانه يجلد مائة ولا يرجم ان كان ثيبا ولا يغرب ان كان بكرا وإن لم تكن أحلتها له فهو زان حكمه حكم الزاني بجارية الاجنبي وحكي عن النخعي أنه يعزز ولا حد عليه لأنه يملك امرأته فكانت له شبهة في مملوكتها وعن عمر وعلي و عطاء و قتادة و الشافعي و مالك أنه كوطء الاجنبية سواء أحلتها له أو لم تحلها لأنه لا شبهة له فيها فأشبه وطء جارية أخته ولأنه إباحة لوطء محرمة عليه فلم يكن شبهة كاباحة سائر الملاك .
وعن ابن مسعود و الحسن إن كان استكرهها فعليه غرم مثلها وتعتق فان كانت طاوعته فعليه غرم مثلها ويملكها لأن هذا يروى عن النبي A وقد رواه ابن عبد البر وقال : هذا حديث صحيح .
ولنا ما روى أبو داود باسناده [ عن حبيب بن سالم أن رجلا يقال له عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال : لأقضين فيك بقضية رسول الله A إن كانت أحلتها لك جلدناك مائة وإن لم تكن أحلتها لك رجمناك بالحجارة فوجدوها أحلتها له فجلده مائة ] وإن علقت من هذا الوطء فهل يلحقه النسب ؟ على روايتين : .
إحداهما : يلحق به لانه وطء لا يجب به الحد فلحق به النسب كوطء الجارية المشتركة والأخرى لا يلحق به لأنه وطء في غير ملك ولا شبهة ملك أشبه الزنا المحض