فصل : لا يقام الحد على حامل حتى تضع .
فصل : ولا يقام الحد على حامل حتى تضع سواء كان الحمل من زنا أو غيره لا نعلم في هذا خلافا قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الحامل لا ترجم حتى تضع وقد [ روى بريدة أن امرأة من بني غامد قالت يا رسول الله طهرني قال : وما ذاك ؟ قالت : انها حبلى من زنا قال : أنت ؟ قالت : نعم فقال لها : ارجعي حتى تضعي ما في بطنك قال : فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال : فأتى النبي A فقال : قد وضعت الغامدية فقال : إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من ترضعه فقام رجل من الأنصار فقال : إلي إرضاعه يا نبي الله قال : فرجمها ] رواه مسلم و أبو داود وروي أن امرأة زنت في أيام عمر Bه فهم عمر برجمها وهي حامل فقال له معاذ : إن كان لك سبيل عليها فليس لك سبيل على حملها فقال : عجز النساء ان يلدن مثلك ولم يرجمها وعن علي مثله ولأن في إقامة الحد عليها في حال حملها إتلافا لمعصوم ولا سبيل إليه وسواء كان الحد رجما أو غيره لأنه لا يؤمن تلف الولد من سراية الضرب والقطع وربما سرى إلى نفس المضروب والمقطوع فيفوت الولد بفواته فاذا وضعت الولد فان كان الحد رجما لم ترجم حتى تسقيه اللبأ لأن الولد لا يعيش إلا به ثم إن كان له من يرضعه أو تكفل أحد برضاعه رجمت وإلا تركت حتى تفطمه لما ذكرنا من حديث الغامدية ولما روى أبو داود بإسناده عن بريدة أن [ امرأة أتت النبي A فقالت : إني فجرت فوالله إني لحبلى فقال لها : ارجعي حتى تلدي فرجعت فلما ولدت أتته بالصبي فقال : ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه فجاءت به وقد فطمته وفي يده شيء يأكله فأمر بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين فأمر بها فحفر لها وأمر بها فرجمت وأمر بها فصلي عليها ودفنت وإن لم يظهر حملها لم تؤخر لاحتمال أن تكون حملت من الزنا لأن النبي A رجم اليهودية والجهنية ولم يسأل عن استبرائهما وقال لأنيس : اذهب إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها ولم يأمره بسؤالها عن استبرائها ] ورجم علي شراحة ولم يستبرئها وإن ادعت الحمل قبل قولها كما قبل النبي A قول الغامدية وإن كان الحد جلدا فاذا وضعت الولد وانقطع النفاس وكانت قوية يؤمن تلفها أقيم عليها الحد وإن كانت في نفاسها أو ضعيفة يخاف تلفها لم يقم عليها الحد حتى تطهر وتقوى وهذا قول الشافعي و أبي حنيفة وذكر القاضي أنه ظاهر كلام الخرقي وقال أبو بكر : يقام عليها الحد في الحال بسوط يؤمن معه التلف فان خيف عليها من السوط أقيم بالعثكول يعني شمراخ النخل وأطراف الثياب لأن النبي A أمر بضرب المريض الذي زنا فقال : [ خذوا له مائة شمراخ فاضربوه بها ضربة واحدة ] .
ولنا ما روي عن علي Bه أنه قال : [ إن أمة لرسول الله A زنت فأمرني أن أجلدها فاذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك لرسول الله A فقال : أحسنت ؟ ] رواه مسلم و النسائي و أبو داود ولفظه [ قال فأتيته فقال : يا علي أفرغت ؟ فقلت أتيتها ودمها يسيل فقال : دعها حتى ينقطع عنها الدم ثم أقم عليها الحد ] وفي حديث أبي بكرة أن [ المرأة انطلقت فولدت غلاما فجاءت به النبي A فقال لها : انطلقي فتطهري من الدم ] رواه أبو داود ولأنه لو توالى عليه حدان فاستوفى أحدهما لم يستوف الثاني حتى يبرأ من الاول ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى