كتاب الحدود .
الزنا حرام وهو من الكبائر العظام بدليل قول الله تعالى : { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } وقال تعالى : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } .
وروى عبد الله بن مسعود قال : [ سألت رسول الله A أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك - قال : قلت ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك - قال : قلت ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك ] أخرجه البخاري و مسلم وكان حد الزاني في صدر الاسلام الحبس للثيب والاذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر لقوله سبحانه : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما } .
قال بعض أصحاب أهل العلم المراد بقوله : { من نسائكم } الثيب لأن قوله من نسائكم إضافة زوجية كقوله : { للذين يؤلون من نسائهم } ولا فائدة في إضافته ههنا نعلمها إلا اعتبار الثيوبة ولأنه قد ذكر عقوبتين احداهما أغلظ من الأخرى فكانت الأغلظ للثيب والاخرى للأبكار كالرجم والجلد ثم نسخ هذا بما روى عبادة ابن الصامت أن النبي A قال : [ خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ] رواه مسلم و أبو داود فان قيل : فكيف ينسخ القرآن بالسنة ؟ قلنا : قد ذهب بعض أصحابنا الى جوازه لأن الكل من عند الله وإن اختلفت طرقه ومن منع ذلك قال : ليس هذا نسخا إنما هو تفسير للقرآن وتبيين له لأن النسخ رفع حكم ظاهره الاطلاق فأما ما كان مشروطا بشرط وزال الشرط لا يكون نسخا وههنا شرط الله تعالى حبسهن الى أن يجعل لهن سبيلا فبينت السنة السبيل فكان بيانا لا نسخا ويمكن أن يقال ان نسخه حصل بالقرآن فان الجلد في كتاب الله والرجم كان فيه فنسخ رسمه وبقي حكمه