مسألة : حكم من ارتد وهو سكران .
مسألة : قال : ومن ارتد وهو سكران لم يقتل حتى يفيق ويتم له ثلاثة أيام من وقت ردته فان مات في سكره مات كافرا .
اختلفت الرواية عن أحمد في ردة السكران فروي عنه أنها تصح قال أبو الخطاب : وهو أظهر الروايتين عنه وهو مذهب الشافعي وعنه لا يصح وهو قول أبي حنيفة لأن ذلك يتعلق بالاعتقاد والقصد والسكران لا يصح عقده ولا قصده فأشبه المعتوه ولأنه زائل العقل فلم تصح ردته كالنائم ولأنه غير مكلف فلم تصح ردته كالمجنون والدليل على أنه غير مكلف أن العقل شرط في التكليف وهو معدوم في حقه ولهذا لم تصح استتابته .
ولنا أن الصحابة Bهم قالوا في السكران : إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدود حد المفتري فأوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره وأقاموا مظنتها مقامها ولأنه يصح طلاقه فصحت ردته كالصاحي وقولهم ليس بمكلف ممنوع فان الصلاة واجبة عليه وكذلك سائر أركان الإسلام ويأثم بفعل المحرمات وهذا معنى التكليف ولأن السكران لا يزول عقله بالكلية ولهذا يتقي المحذورات ويفرح بما يسره ويساء بما يضره ويزول سكره عن قرب من الزمان فأشبه الناعس بخلاف النائم والمجنون وأما استتابته فتؤخر إلى حين صحوه ليكمل عقله ويفهم ما يقال له وتزال شبهته إن كان قد قال الكفر معتقدا له كما تؤخر استتابته إلى حين زوال شدة عطشه وجوعه ويؤخر الصبي الى حين بلوغه وكمال عقله ولأن القتل جعل للزجر ولا يحصل الزجر في حال سكره وإن قتله قاتل في حال سكره لم يضمنه لأن عصمته زالت بردته وإن مات أو قتل لم يرثه ورثته ولا يقتله حتى يتم له ثلاثة أيام ابتداؤها من حين ارتد فان استمر سكره أكثر من ثلاث لم يقبل حتى يصحوا ثم يستتاب عقيب صحوه فان تاب وإلا قتل في الحال وإن أسلم في سكره صح إسلامه ثم يسأل بعد صحوه فإن ثبت على إسلامه فهو مسلم من حين أسلم لأن إسلامه صحيح وإن كفر فهو كافر من الآن لأن إسلامه صح وإنما يسأل استظهارا وإن مات بعد إسلامه في سكره مات مسلما