مسألة وفصل : طهارة المستحاضة .
مسألة : قال : والمستحاضة أن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها وأن توضأت لكل صلاة اجزأها .
اختلف أهل العلم في المستحاضة فقال بعضهم : يجب عليها الغسل لكل صلاة روي ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وهو أحد قولي الشافعي في المتحيرة لأن عائشة روت [ أن أم حبيبة استحيضت فسألت النبي A فأمرها أن تغتسل لكل صلاة ] متفق عليه وروى ابو داود أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد النبي A وأن رسول الله A أمرها بالغسل عند كل صلاة وقال بعضهم : تغتسل كل يوم غسلا وروي ذلك عن عائشة وعن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب فغنهم قالوا تغتسل من ظهر إلى ظهر قال مالك : إني أحسب حديث ابن المسيب إنما هو من طهر إلى طهر ولكن الوهم دخل فيه - يعني أن الطاء غير المعجمة أبدلت بالظاء المعجمة وقال بعضهم : تجمع بين كل صلاتي جمع بغسل واحد وتغتسل للصبح على ما في حديث حمنة وقد ذكرناه وكذلك أمر به سهلة بن سهيل وبه قال عطاء و النخعي وأكثر أهل العلم على أن الغسل عند انقضاء الحيض ثم عليها الوضوء لكل صلاة ويجزئها ذلك ويروى هذا عن عروة وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال عكرمة و ربيعة و مالك : إنما عليها الغسل عند إنقضاء حيضها وليس عليها للاستحاضة وضوء لأن ظاهر حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في [ حديث فاطمة بنت أبي حبيش الغسل فقط لأن النبي A قال لها : فاغتسلي وصلي ] ولم يذكر الوضوء لكل صلاة .
ولنا : [ أن النبي A قال لفاطة : إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي وتوضئي لكل صلاة ] وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وهذه زيادة يجب قبولها وفي حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده [ عن النبي A في المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتصلي وتتوضأ عند كل صلاة ] ولأنه دم خارج من الفرج فأوجب الوضوء كدم الحيض وهذا يدل على أن الغسل المأمور به في سائر الأحاديث مستحب غير واجب والغسل لكل صلاة أفضل لما فيه من المخروج من الخلاف والأخذ بالثقة والاحتياط وهو أشد ما قيل ثم يليه في الفضل والمشقة الجمع بين كل صلاتين بغسل واحد والاغتسال للصبح ولذلك قال النبي A فيه [ وهو أعجب الأمرين إلي ] ثم يليه الغسل كل يوم مرة بعد الغسل عند انقضاء الحيض ثم تتوضأ لكل صلاة وهو أقل الأمور ويجزئها والله أعلم .
فصل : وحكم طهارة المستحاضة حكم التيمم في أنها إذا توضأت في وقت الصلاة صلت بها الفريضة ثم قضت الفوائت وتطوعت حتى يخرج الوقت نص على هذا أحمد وعلى قياس ذلك لها الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد وقال الشافعي : لا تجمع بين فرضين بطهارة فلا تقضي به فوائت ولا تجمع بين صلاتين كقوله في التيمم ويحتمله قول الخرقي لقوله لكل صلاة وحجتهم [ قول النبي A : توضئي لكل صلاة ] .
ولنا : أنه قد روي في بعض ألفاظ حديث فاطمة : [ توضئي لوقت كل صلاة ] ولأنه وضوء يبيح النفل فيبيح الفرض كوضوء غير المستحاضة وحديثهم محمول على الوقت كقول النبي A : [ أينما أدركتك الصلاة فصل ] أي وقتها وحديث حمنة ظاهر في الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد لأنه لم يأمرها بالوضوء بينهما وهو مما يخفى ويحتاج إلى بيانه ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه