فصل : حكم ما إذا أكره الذمي أو المستأمن على الإسلام .
فصل : واذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن فأسلم لم يثبت له حكم الاسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعا مثل أن يثبت على الإسلام بعد زوال الاكراه عنه فان مات قبل ذلك فحكمه حكم الكفار وإن رجع الى دين الكفر لم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي وقال محمد بن الحسن : يصير مسلما في الظاهر وإن رجع عنه قتل إذا امتنع عن الاسلام لعموم قوله عليه السلام : [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فاذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ] ولأنه أتى بقول الحق فلزمه حكمه كالحربي إذا أكره عليه .
ولنا أنه أكره على ما لا يجوز إكراهه عليه فلم يثبت حكمه في حقه كالمسلم إذا أكره على الكفر والدليل على تحريم الإكراه قوله تعالى : { لا إكراه في الدين } وأجمع أهل العلم على أن الذمي إذا أقام على ما عوهد عليه والمستأمن لا يجوز نقض عهده ولا إكراهه على ما لم يلتزمه ولأنه أكره على ما لا يجوز إكراهه عليه فلم يثبت حكمه في حقه والعتق وفارق الحربي والمرتد فانه يجوز قتلهما وإكراههما على الاسلام بأن يقول إن اسلمت وإلا قتلناك فمتى أسلم حكم باسلامه ظاهرا وإن مات قبل زوال الإكراه عنه فحكمه حكم المسلمين لأنه أكره بحق فحكم بصحة ما يأتي به كما لو أكره المسلم على الصلاة فصلى وأما في الباطن فيما بينهم وبين ربهم فان من اعتقد الاسلام بقلبه وأسلم فيما بينه وبين الله تعالى فهو مسلم عند الله موعود بما وعد به من أسلم طائعا ومن لم يعتقد الاسلام بقلبه فهو باق على كفره لا حظ له في الاسلام سواء في هذا من يجوز إكراهه ومن لا يجوز إكراهه فان الاسلام لا يحصل بدون اعتقاده من العاقل بدليل أن المنافقين كانوا يظهرون الاسلام ويقومون بفرائضه ولم يكونوا مسلمين