فصل : حكم من اعتقد حل شيء مجمع على تحريمه .
فصل : ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر لما ذكرنا في تارك الصلاة وإن استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل فكذلك وإن كان بتأويل كالخوارج فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم وفعلهم لذلك متقربين به إلى الله تعالى .
وكذلك لم يحكم بكفر ابن ملجم مع قتله أفضل الخلق في زمنه متقربا بذلك ولا يكفر المادح له على هذا المتمني مثل فعله فان عمران بن حطان قال فيه يمدحه لقتل علي : .
( يا ضربة من تقي ما أراد بها ... الا ليبلغ عند الله رضوانا ) .
( إني لاذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا ) .
وقد عرف من مذهب الخوارج كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأويلهم وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا وقد روي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلا لها فأقام عليه الحد ولم يكفره وكذلك ابو جندل بن سهيل وجماعة معه شربوا الخمر بالشام مستحلين لها مستدلين بقول اللله تعالى : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية فلم يكفروا وعرفوا تحريمها فتابوا وأقيم عليهم الحد فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك .
وقد قال أحمد : من قال الخمر حلال فهو كافر يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه وهذا محمول على من لا يخفى على مثله تحريمه لما ذكرنا فأما إن أكل لحم خنزير أو ميتة أو شرب خمرا لم يحكم بردته بمجرد ذلك سواء فعله في دار الحرب أو دار الاسلام لأنه يجوز أن يكون فعله معتقدا تحريمه كما يفعل غير ذلك من المحرمات