مسألة : إذا دفع أهل البغي لم يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريحهم ولا يقتل لهم أسير .
مسألة : قال : وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريحهم ولم يقتل لهم أسير ولم يغنم لهم مال ولم تسب له ذرية .
وجملته أن أهل البغي إذا تركوا القتال إما بالرجوع إلى الطاعة وإما بإلقاء السلاح وإما بالهزيمة الى فئة او الى غير فئة واما بالعجز لجراح أو مرض أو أسر فانه يحرم قتلهم واتباع مدبرهم وبهذا قال الشافعي وقال ابو حنيفة : إذا هزموا ولا فئة لهم كقولنا وإن كانت لهم فئة يلجؤون اليها جاز قتل مدبرهم واسيرهم والاجازة على جريحهم وان لم يكن لهم فئة لم يقتلوا لكن يضربون ضربا وجيعا ويحبسون حتى يقلعوا عما هم عليه ويحدثوا توبة ذكروا هذا في الخوارج ويروى عن ابن عباس نحو هذا واختاره بعض اصحاب الشافعي لانه متى لم يقتلهم اجتمعوا ثم عادوا الى المحاربة ولنا ما وري عن علي Bه انه قال يوم الجمل : لا يذفف على جريح ولا يهتك ستر ولا يفتح باب ومن أغلق بابا أو بابه فهو آمن ولا يتبع مدبر وقد روي نحو ذلك عن عمار وعن علي Bه انه ودى قوما من بيت مال المسلمين قتلوا مدبرين وعن أبي امامة أنه قال : شهدت صفين وكانوا لا يجيزون على جريح ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا وقد ذكر القاضي في شرحه [ عن عبد الله بن مسعود ان النبي A قال : يا ابن ام عبد ما حكم من بغى على أمتي ؟ فقلت : الله ورسوله أعلم فقال : لا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيئهم ] ولأن المقصود دفعهم وكفهم وقد حصل فلم يجز قتلهم كالصائل ولا يقتلون لما يخاف في الثاني كما لو لم تكن لهم فئة إذا ثبت هذا فان قتل انسان من منع من قتله ضمنه لأنه قتل معصوما لم يؤمر بقتله وفي القصاص وجهان : .
أحدهما : يجب لأنه مكافىء معصوم والثاني لا يجب لأن في قتلهم اختلافا بين الأئمة فكان ذلك شبهة دارئة للقصاص لأنه مما يندرىء بالشبهات وأما أسيرهم فان دخل في الطاعة خلي سبيله وان أبى ذلك وكان رجلا جلدا من أهل القتال حبس ما دامت الحرب قائمة فاذا انقضت الحرب خلي سبيله وشرط عليه أن لا يعود إلى القتال وإن لم يكن الأسير من أهل القتال كالنساء والصبيان والشيوخ الفانين خلي سبيلهم ولم يحبسوا في أحد الوجهين وفي الآخر يحبسون لان فيه كسرا لقلوب البغاة وان أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الفريق الآخر جاز فداء أسارى أهل العدل باسارى اهل البغي وإن قتل اهل البغي أسارى اهل العدل لم يجز لاهل العدل قتل أساراهم لأنهم لا يقتلون بجناية غيرهم ولا يزرون وزر غيرهم وان أبى البغاة مفاداة الاسرى الذين معهم وحبسوهم احتمل أن يجوز لاهل العدل حبس من معهم ليتوصلوا إلى تخليص أساراهم بحبس من معهم ويحتمل أن لا يجوز حبسهم ويطلقون لان الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم