مسألة : ليس للأولياء أن يقسموا على أكثر من واحد .
مسألة : قال : وليس للأولياء أن يقسموا على أكثر من واحد .
لا يختلف المذهب أنه لا يستحق بالقسامة أكثر من قتل واحد وبهذا قال الزهري و مالك وبعض أصحاب الشافعي وقال بعضهم : يستحق بها قتل الجماعة لأنها بينة موجبة للقود فاستوى فيها الواحد والجماعة كالبينة وهذا نحو قول أبي ثور .
ولنا قول النبي A : [ يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع اليكم برمته ] فخص بها الواحد ولأنها بينة ضعيفة خولف بها الأصل في قتل الواحد فيقتصر عليه ويبقى على الأصل فيما عداه وبيان مخالفة الأصل بها أنها تثبت باللوث واللوث شبهة مغلبة على الظن صدق المدعي والقود يسقط بالشبهات فكيف يثبت بها ؟ ولأن الأيمان في سائر الدعاوى تثبت ابتداء في جانب المدعى عليه وهذا بخلافه وبيان ضعفها أنها تثبت بقول المدعي ويمينه مع التهمة في حقه والشك في صدقه وقيام العداوة المانعة من صحة الشهادة عليه في اثبات حق لغيره فلأن يمنع من قبول قوله وحده في إثبا ت حقه لنفسه أولى وأحرى وفارق البينة فإنها قويت بالعدد وعدالة الشهود وانتفاء التهمة في حقهم من الجهتين في كونهم لا يثبتون لأنفسهم حقا ولا نفعا ولا يدفعون عنها ضرا ولا عداوة بينهم وبين المشهود عليه ولهذا يثبت بها سائر الحقوق والحدود التي تنتفي بالشبهات .
اذا ثبت هذا فلا قسامة فيما لا قود فيه في قول الخرقي فيطرد قوله في أن القسامة لا تشرع إلا في حق واحد وعند غيره ان القسامة تجري فيما لا قود فيه فيجوز ان يقسموا في هذا على جماعة وهذا قول مالك و الشافعي فعلى هذا إن ادعى على اثنين على أحدهما لوث حلف على من عليه اللوث خمسين يمينا واستحق نصف الدية عليه وحلف وحلف الآخر يمينا واحدة وبرىء وإن نكل عن اليمين فعليه نصف الدية وإن ادعى على ثلاثة عليهم لوث ولم يحضر إلا واحد منهم حلف على الحاضر منهم خمسين يمينا واستحق ثلث الدية فاذا حضر الثاني ففيه وجهان : .
أحدهما : يحلف عليه خمسين يمينا أيضا ويستحق ثلث الدية لان الحق لا يثبت على أحد الرجلين إلا بما يثبت على الآخر كالبينة فانه يحتاج إلى إقامة البينة الكاملة على الثاني كاقامتها على الأول .
والثاني : يحلف عليه خمسا وعشرين يمينا لأنهما لو حضرا معا لحلفا عليه خمسين يمينا حصة هذا منها خمس وعشرون وهذا الوجه ضعيف فان اليمين لا تقسم عليهم إذا حضروا ولو حلف كل واحد منفردا حصته من الأيمان لم يصح ولم يثبت له حق وإنما الأيمان عليهم جميعا وتتناولهم تناولا واحدا ولأنها لو قسمت عليهم بالحصص لوجب أن لا يقسم على الأول أكثر من سبع عشرة يمينا وكذلك على الثاني لان هذا القدر هو حصة من الأيمان فعلى كلا التقديرين لا وجه لحلفه خمسا وعشرين يمينا وإن قيل إنما حلف بقدر حصته وحصة الثالث فينبغي أن يحلف أربعا وثلاثين وإذا قدم الثالث ففيه الوجهان : .
أصحهما : يحلف عليه خمسين يمينا ويستحق ثلث الدية والآخر يحلف سبع عشرة يمينا وإن حضروا جميعا حلف عليهم خمسين يمينا واستحق الدية عليهم أثلاثا وهذا التفريع يدل على اشتراط حضور المدعى عليه وقت الأيمان وذلك لأنها أقيمت مقام البينة فاشترط حضور من أقيمت عليه كالبينة وكذلك إن ردت الأيمان على المدعى عليهم اشترط حضور المدعين وقت حلف المدعى عليهم لأن الأيمان له عليهم فيعتبر رضاه بها وحضوره إلا أن يوكل وكيلا فيقوم مقام موكله