مسألتان وفصل دية الضلع والترقوة والعظام الباطنة .
مسألة : قال : وفي الضلع بعير وفي الترقوة بعيران .
ظاهر هذا أن في كل ترقوة بعيرين فيكون في الترقوتين أربعة أبعرة وهذا قول زيد بن ثابت والترقوة العظم المستدبر حول العتق من النحر إلى الكتف ولكل واحد ترقوتان ففيهما أربعة أبعرة في ظاهر قول الخرقي وقال القاضي : المراد بقول الخرقي الترقوتان معا وإنما اكتفي بلفظ الواحد لإدخال الألف واللام المقتضية للإستغراق فيكون في كل ترقوة بعير وهذا قول عمر بن الخطاب وبه قال سعيد بن المسيب و مجاهد و عبد الملك ابن مروان وسعيد بن جبير و قتادة و إسحاق وهو قول لـ لشافعي والمشهور من قوليه عند أصحابه أن في كل واحد مما ذكرنا حكومة وهو قول مسروق و أبي حنيفة و مالك و ابن المنذر لأنه عظم باطن لا يختص بجمال ومنفعة فلم يجب فيه أرش مقدر كسائر أعضاء اليدن ولأن التقدير إنما يكون بتوقيف أو قياس صحيح وليس في هذا توقيف ولا قياس وروي عن الشعبي أن في الترقوة أربعين دينارا وقال عمرو بن شعيب : في الترقوتين الدية وفي إحداهما نصفها لأنهما عضوان فيهما جمال ومنفعة وليس في البدن غيرهما من جنسهما فكملت فيهما الدية كاليدين .
ولنا قول عمر Bه وزيد بن ثابت وما ذكروه ينتقض بالهاشمية فإنها كسر عظام باطنة وفيها مقدر ولا يصح قولهم إنها لا تختص بجمال ومنفعة فإن جمال هذه العظام ونفعها لا يوجد في غيرها ولا مشارك لها فيه وأما قول عمرو بن شعيب فنخالف للإجماع فإننا لا نعلم أحدا قبله ولا بعده وافقة فيه .
مسألة : قال : وفي الزند أربعة أبعرة لأنه عظمان .
قال القاضي : يعني به الزندين فيهما أربعة أبعرة لأن فيهما أربعة عظام ففي كل عظم بعير وهذا يروى عن عمر بن الخطاب وقال أبو حنيفة و مالك و الشافعي : فيه حكومة لما تقدم .
ولنا ما روى سعيد حدثنا هشيم حدثنا يحيى بن سعيد بن عمرو بن شعيب أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر في أحد الزندين إذا كسر فكتب إليه عمر : إن فيه بعيرين وإذا كسر الزندين ففيهما أربعة من الإبل ورواه ايضا من طريق آخر مثل ذلك وهذا لم يظهر له مخالف في الصحابة فكان إجماعا .
فصل : ولا مقدر في غير هذه العظام في ظاهر كلام الخرقي وهو قول أكثر أهل العلم وقال القاضي : في عظم الساق بعيران وفي الساقين أربعة وفي عظم الفخذ بعيران وفي الفخذين أربعة فهذه تسعة عظام فيها مقدر الضلع والترقوتان والزنديان والساقان والفخذان وما عداها لا مقدر فيه وقال ابن عقيل وأبو الخطاب وجماعة من اصحاب القاضي : في كل واحد من الذارع والعضد بعيران وزاد أبو الخطاب عظم القدم لما روى سليمان بن يسار أن عمر قضى في الذراع والعضد والفخذ والساق والزند إذا كسر واحد منها فجبر ولم يكن به دحور يعني عوجا بعير وإن كان فيها دحور فبحساب ذلك وهذا الخبر إن صح فهو مخالف لما ذهبوا إليه فلا يصلح دليلا عليه والصحيح إن شاء الله أنه لا تقدير في غير الخمسة الضلع والترقوتين والزندين لأن التقدير إنما يثبت بالتوقيف ومقتضى الدليل وجوب الحكومة في هذه العظام الباطنة كلها وإنما خالفناه في هذه العظام لقضاء عمر Bه ففيما عداها يبقى على مقتضى الدليل وما عدا هذه العظام كعظم الظهر وغيره ففيه الحكومة ولا نعلم فيه مخالفا وإن خالف فيها مخالف فهو قول شاذ لا يستند إلى دليل يعتمد عليه ولا يصار إليه