مسألتان وفصول دية الأذنين والسمع .
مسألة : قال : وفي الأذنين الدية .
روي ذلك عن عمر وعلي وبه قال عطاء و مجاهد و الحسن و قتادة و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و أصحاب الرأي و مالك في إحدى الروايتين عنه وقال في الأخرى : فيهما حكومة لأن الشرع لم يرد بتقدير ولا يثبت التقدير بالقياس .
ولنا أن في كتاب النبي A لعمرو بن حزم : [ وفي الأذنين الدية ] ولأن عمر وعليا قضيا فيهما بالدية فإن قيل فقد روي عن ابي بكر Bه أنه قضى في الأذن بخمسة عشر بعيرا قلنا : لم يثبت ذلك قاله ابن المنذر ولأن ما كان في البدن منه عضوان كان فيهما الدية كاليدين وفي إحداهما نصف الدية بغير خلاف بين القائلين بوجوب الدية فيهما ولأن كل عضوين وجبت الدية فيهما وجب في أحدهما نصفها كاليدين وإن قطع بعض إحداهما وجب بقدر ما قطع من ديتها ففي نصفها نصف ديتها وفي ربعها ربعها وعلى هذا الحساب سواء قطع من أعلى الأذن أو أسفلها أو اختلف في الجمال أو لم يختلف كما أن الأسنان والأصابع تختلف في الجمال والمنفعة ودياتها سواء .
وقد روي عن أحمد رحه الله في شحمة الأذن ثلث والمذهب الأول وتجب الدية في أذن الأصم لأن الصمم نقص في غير الأذن فلم يؤثر في ديتها كالعمى لا يؤثر في دية الأجفان وهذا قول الشافعي ولا أعلم فيه مخالفا .
فصل : فإن جنى على أذنه فاستحشف واستحشافها كشلل سائر الأعضاء ففيها حكومة وهذا أحد قولي الشافعي وقال في الآخر : في ذلك ديتها لأن ما وجبت ديته بقطعه وجبت بشلله كاليد والرجل .
ولنا أن نفعها باق وبعد استحشافها وجمالها فإن نفعها جمع الصوت ومنع دخول الماء والهوام في صماخه وهذا باق بعد شللها فإن قطعها قاطع بعد استحشافها ففيها ديتها لأنه قطعه أذنا فيها جمالها ونفعها فوجبت ديتها كالصحيحة وكما لو قلع عينا عمشاء أو حولاء .
مسألة : قال : وفي السمع إذا ذهب من الأذنين الدية .
لا خلاف في هذا قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم أن في السمع الدية روي ذلك عن عمر وبه قال مجاهد و قتادة و الثوري و الأوزاعي و أهل الشام وأهل العراق و مالك و الشافعي و ابن المنذر ولا أعلم عن غيرهم خلافا لهم وقد روي عن معاذ أن النبي A قال : [ وفي السمع الدية ] وروى أبو المهلب عن أبي قلابة أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه ونكاحه فقضى عمر بأربع ديات والرجل حي ولأنها حاسة تختص بنفع فكان فيها الدية كالبصر وإن ذهب السمع من إحدى الأذنين وجب نصف الدية كما لو ذهب البصر من إحدى العينين وإن قطع أذنه فذهب سمعه وجبت ديتان لأن السمع في غيرهما فأشبه ما لو قلع أجفان عينيه فذهب بصره بخلاف العين إذا قلعت فذهب بصره فإن البصر في العين فأشبه البطش الذاهب بقطع اليد .
فصل : وإن اختلفا في ذهاب سمعه فإنه يتغفل ويصاح به وينظر اضطرابه ويتأمل عند صوت الرعد والأصوات المزعجة فإن ظهر منه إنزعاج أو التفات أو ما يدل على السمع فالقول قول الجاني مع يمينه لأن ظهور الأمارات يدل على أنه سميع فغلبت جنبة المدعي وحلف لجواز أن يكون ما ظهر منه اتفاقا وإن لم يوجد منه شيء من ذلك فالقول قوله مع يمينه لأن الظاهر أنه غير سميع وحلف لجواز ان يكون احترز وتصبر وإن ادعى ذلك في إحداهما سدت الأخرى وتغفل على ما ذكرنا فإن ادعى نقصان السمع فيهما فلا طريق لنا إلى معرفة ذلك إلا من جهته فيحلفه الحاكم ويوجب حكومة وإن ادعى نقصه في إحداهما سددنا العليلة وأطلقنا الصحيحة واقمنا من يحدثه وهو يتباعد إلى حيث يقول إني لا أسمع فإذا قال إني لا أسمع غير عليه الصوت والكلام فإن بان أنه يسمع وإلا فقد كذب فإن انتهى إلى آخر سماعه قدر المسافة وسد الصحيحة وأطلقت المريضة وحدثه وهويتباعد حتى يقول إني لا أسمع فإذا قال ذلك غير عليه الكلام فإن تغيرت صفته لم يقبل قوله وإن لم تتغير صفته حلف وقبل قوله ومسحت المسافتان ونظر ما نقصت العليلة فوجب بقدره فإن قال : إني أسمع العالي ولا أسمع الخفي فهذا لا يمكن تقديره فتجب فيه حكومة .
فصل : فإن قال أهل الخبرة إنه يرجى عود سمعه إلى مدة انتزر إليها وإن لم يكن لذلك غاية لم ينتظر ومتى عاد السمع فإن كان قبل أخذ الدية سقطت وإن كان بعده ردت على ما قلنا في البصر