فصلجناية الرجل على نفسه خطأ .
فصل : وإن جنى الرجل على نفسه خطأ أو على أطرافه ففيه روايتان قال القاضي : أظهرها أن على عاقلته ديته لورثته إن قتل نفسه أو أرش جرحه لنفسه إذا كان أكثر من الثلث وهذا قول الأوزاعي و إسحاق لما روي أن رجلا ساق حمارا فضربته بعصا كانت معه فطارت منها شظية ففقأت عينه فجعل عمر ديته على عاقلته وقال : هي يد ن أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء على أحد ولم نعرف له مخالفا في عصره ولأنها جناية خطأ فكان عقلها على عاقلته كما لو قتل غيره فعلى هذه الرواية إن كانت العاقلة الورثة لم يجب شيء لأنه لا يجب للإنسان شيء على نفسه وإن كان بعضهم وارثا سقط عنه ما يقابل نصيبه وعليه ما زاد على نصيبه وله ما بقي إن كان نصيبه من الدية أكثر من الواجب عليه .
والرواية الثانية : جناية هدر وهذا قول أكثر أهل العلم منهم ربيعة و مالك و الثوري و الشافعي وأصحاب الرأي وهي أصح لأن عامر بن الأكوع بارز مرحبا يوم خيبر فرجع سيفه على نفسه فمات ولم يبلغنا أن النبي A قضى فيه بدية ولا غيرها ولو وجبت لبينه النبي A ولأنه جنى على نفسه فلم يضمنه غيره كالعمد ولأن وجوب الدية على العاقلة إنما كان مواساة للجاني وتخفيفا عنه وليس على الجاني ههنا على شيء يحتاج إلى الإعانة والمواساة فيه فلا وجه لإيجابه ويفارق هذا ما إذا كانت الجناية على غيره فإنه لو لم تحمله العاقلة لأجحف به وجوب الدية لكثرتها .
فأما إن كانت الحناية على نفسه شبه عمد فهل تجري مجرى الخطأ ؟ على وجهين : أحدهما : هي كالخطأ لأنها تساويه فيما إذا كانت على غيره والثاني : لا تحمله العاقلة لأنه رلا عذر له فأشبه العمد المحض