مسألة وفصل امناع أخذ اليمين باليسارواليسار باليمين .
مسألة : قال : ولا تؤخذ يمين بيسار ولا يسار بيمين .
هذا قول أكثر أهل العلم منهم مالك و الشافعي واصحاب الرأي وحكي عن أبن سيرين و شريك أن إحداهما تؤخذ بالأخرى لأنهما يستويان في الخلقة والمنفعة .
ولنا أن كل واحدة منهما تخص باسم فلا تؤخذ إحداهما بالأخرى كاليد مع الرجل فعلى هذا كل ما انقسم إلى يمين ويسار كاليدين والرجلين والأذنين والمنخرين والثدين والأليتين والأنثيين لا تؤخذ إحداهما بالأخرى .
فصل : وما انقسم إلى أعلى وأسفل كالجفنين والشفتين لا يؤخذ الأعلى بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى لما ذكرنا ولا تؤخذ أصبع بأصبع إلا أن يتفقا في الإسم والموضع ولا تؤخذ أنملة بأنملة إلا أن يتفقا في ذلك ولا تؤخذ عليا بسفلى ولا وسطى والوسطى والسفلى لا تؤاخذان بغيرهما ولا تؤخذ السن بالسن إلا أن يتفق موضعهما واسمهما ولا تؤخذ أصبع ولا سن أصلية بزائدة ولا زائدة بأصلية ولا زائدة في غير محلها لما ذكرناه .
فصل : وما لا يجوز أخذه قصاصا لا يجوز بتراضيهما واتفاقهما عليه لأن الدماء لا تستباح بالاستباحة والبذل ولذلك لو بذلها له ابتداء لا يحل أخذها ولا يحل لأحد قتل نفسه ولا قطع طرفه فلا يحل لغيره ببذله فلو تراضيا على قطع إحدى اليدين بدلا عن الأخرى فقطعها المقتص سقط القود لأن القود سقط في الأولى بإسقاط صاحبها وفي الثانية بإذن صاحبها في قطعها ودياتهما متساوية وهذا قول أبي بكر ولذلك قال : لو قطع المقتص اليد بالأخرى عدوانا لسقط القصاص لأنهما تساويا في الألم والدية والاسم فتقاصا وتساقطا ولأن إيجاب القصاص يفضي إلى قطع يدي كل واحد منهما وإذهاب منفعة الجنس وإلحاق الضرر العظيم بهما جميعا ولا تفريع على هذا القول لوضوحه وكل واحد من القطعين مضمون بسرايته لأنه عدوان وقال ابن حامد : إن كان أخذها عدوانا فلكل واحد منهما القصاص على صاحبه وإن أخذها بتراضيهما فلا قصاص في الثانية لرضا صاحبها ببذلها وإذنه في قطعها وفي وجوبه في الأولى وجهان : أحدهما : يسقط لما ذكرنا والثاني : لا يسقط لأنه رضي بتركه بعوض لم يثبت فكان له الرجوع إلى حقه كما لو باعه سلعة بخمر وقبضه إياه فعلى هذا له القصاص إلا أنه لا يقتص إلا بعد اندمال الأخرى وللجاني دية يده فإذا وجب للمجني عليه دية يده وكانت الديتان واحدة تقاصا وإن كانت إحداهما أكبر من الأخرى كالرجل مع المرأة وجب القصاص لصاحبه