فصلان شروط القصاص في الأطراف .
مسألة : قال : وكذلك إذا قطع منه طرفا من مفصل قطع منه مثل ذلك المفصل إذا كان الجاني يقاد من المجني عليه لو قتله .
أجمع أهل العلم على جريان القصاص في الأطراف وقد ثبت ذلك بقوله تعالى : { العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } وبخبر الربيع بنت النضر بن أنس ويشترط الجريان القصاص فيها شروط خمسة : .
أحدها : أن يكون عمدا على ما أسلفناه والثاني : أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني بحيث يقاد به لو قتله والثالث : أن يكون الطرف مساويا للطرف ولا يؤخذ صحيح بأشل ولا كاملة الأصابع بناقصة ولا أصلية بزائدة ولا يشترط التساوي في الدقة والغلظ والصغر والكبر والصحة والمرض لأن اعتبار ذلك يفضي إلى سقوط القصاص بالكلية والرابع : الاشتراك في الإسم الخاص فلا تؤخذ يمين بيسار ولا يسار بيمين ولا إصبع بمخالفة لها ولا جفن أو شفة إلا بمثلها الخامس : إمكان الاستيفاء من غير حيف وهو أن يكون القطع من مفصل فإن كان من غير مفصل فلا قصاص فيه من موضع القطع بغير خلاف عليه [ وقد روى نمر بن جابر عن أبيه أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل فاستعدى عليه النبي A فأمر له بالدية فقال : إني أريد القصاص ؟ قال : خذ الدية بارك الله لك فيها ] ولم يقض له القصاص رواه ابن ماجة .
فصل : وفي قطع اليد ثمان مسائل أحدها : قطع الأصابع من مفاصلها فالقصاص واجب لأن لها مفاصل ويمكن القصاص من غير حيف وإن اختار الدية فله نصفها لأن في كل أصبع عشر الدية والثانية : قطعها من نصف الكف فليس له القصاص من موضع القطع لأنه ليس بمفصل فلا يؤمن الحيف فيه وإن أراد قطع الأصابع ففيه وجهان : أحدهما : ليس له ذلك وهذا اختيار أبي بكر لأنه يقتص من غير موضع الجناية فلم يجز كما لو كان القطع من الكوع يحققه أن امتناع قطع الأصابع إذا قطع من الكوع إنما كان لعدم المقتضى أو وجود مانع وأيهما كان فهو متحقق إذا كان القطع من نصف الكف والثاني : له قطع الأصابع ذكره أصحابنا وهو مذهب الشافعي لأنه يأخذ دون حقه لعجزه عن استيفاء حقه فأشبه ما لو شجه هاشمة فاستوفى موضحة ويفارق ما إذا قطع من الكوع لأنه أمكنه استيفاء حقه فلم يجز له العدول إلى غيره وهل له حكومة في نصف الكف ؟ فيه وجهان : أحدهما : ليس له ذلك لأنه يجمع بين القصاص والأرش في عضو واحد فلم يجز كما لو قطع من الكوع والثاني : له أرش نصف الكف لأنه حق له تعذر استيفاؤه فوجب أرشه كسائر ما هذا حاله وإن اختار الدية فله نصفها لأن قطع اليد من الكوع لا يوجب أكثر من نصف الدية فما دونه أولى .
الثالثة : قطع من الكوع فله قطع يده من الكوع لأنه مفصل وليس له قطع الأصابع لأنه غير محل الجناية فلا يستوفى منه مع إمكان الاستيفاء من محلها الرابعة : قطع من نصف الذراع فليس له أن يقطع من ذلك الموضع لأنه ليس بمفصل وقد ذكرنا الخبر الوارد فيه فله نصف الدية وحكومة في المقطوع من الذراع وهل له أن يقطع من الكوع ؟ فيه وجهان كما ذكرنا فيمن قطع من نصف الكف ومن جوز له القطع من الكوع فعنده في وجوب الحكومة لما قطع من الذراع وجهان ويخرج أيضا في جواز قطع الأصابع وجهان فإن قطع منها لم يكن له حكومة في الكف لأنه أمكنه أخذه قصاصا فلم يكن له طلب أرشه كما لو كانت الجناية من الكوع .
الخامسة : قطع من المرفق فله القصاص منه لأنه مفصل وليس له القطع من الكوع لأنه أمكنه استيفاء حقه بكماله والاقتصاص من محل الجناية عليه فلم يجز له العدول إلى غيره وإن عفا إلى الدية فله دية اليد وحكومة للساعد .
السادسة : قطعها من العضد فلا قصاص فيها في أحد الوجهين وله دية اليد وحكومة للساعد وبعض العضد والثاني له القصاص من المرفق وهل له حكومة في الزائد ؟ على وجهين وهل له القطع من الكوع ؟ يحتمل وجهين والسابعة : قطع من المنكب فالواجب القصاص لأنه مفصل وإن اختار الدية فله دية اليد وحكومة لما زاد .
الثامنة : خلع عظم المنكب ويقال له مشط الكتف فيرجع فيه إلى اثنين من ثقات أهل الخبرة فإن قالوا يمكن الاستيفاء من غير أن تصير جائفة استوفي وإلا صار الأمر إلى الدية وفي حواز الاستيفاء من المرفق أو ما دونه مثل ما ذكرنا في نظائره ومثل هذه المسائل في الرجل والساق كالذراع والفخذ كالعضد والورك كعظم الكتف والقدم كالكف