فصول حكم ما لو قطع أنف عبد والجناية على العبد قبل عتقه وبعده .
فصل : ولو قطع يد عبد ثم أعتق ومات أو يد ذمي ثم أسلم ومات ففيه وجهان : أحدهما : الواجب دية حر مسلم لورثته ولسيده منها أقل الأمرين من ديته أو أرش جناية اعتبارا بحال استقرار الجناية وقال القاضي وأبو بكر : تجب قيمة العبد بالغة ما بلغت مصروفة إلى السيد اعتبارا بحال الجناية لأنها الموجبة للضمان فاعتبرت حال وجودها ومقتضى قولهما ضمان الذمي الذي أسلم بدية ذمي ويلزمهما على هذا أن يصرفاها إلى ورثتة من أهل الذمة وهو غير صحيح لأن الدية لا تخلو من أن تكون مستحقة للمجني عليه أو لورثته فإن كانت له وجب أن تكون لورثته المسلمين كسائر أمواله وأملاكه كالذي كسبه بعد جرحه وإن كانت تحدث على مالك ورثته فورثته هم المسلمون دون الكفار .
فصل : وإذا قطع أنف عبد قيمته ألف دينار فاندمل ثم أعتقه السيد وجبت قيمته بكمالها للسيد وإن أعتقه ثم اندمل فكذلك لأنه إنما استقر بالاندمال ما وجب بالجناية والجناية كانت في ملك سيده وإن مات من سراية الجرح فكذلك في قول ابي بكر والقاضي وهو قول المزني لأن الجناية يراعى فيها حال وجودها .
وذكر القاضي أن أحمد نص عليه في رواية حنبل فيمن فقأ عيني عبد ثم أعتق ومات ففيه قيمته لا الدية ومقتضى قول الخرقي أن الواجب فيه دية حر وهو مذهب الشافعي لأن اعتبار الجناية بحالة الاستقرار وقد ذكرناه وتصرف الى السيد لأن استحق أقل الأمرين من ديته أو أرش الجرح والدية ههنا أقل الأمرين وما ذكروه ينتقض بما إذا قطع يديه ورجليه فمات بسراية الجرح فإن الواجب دية النفس لا دية الجرح .
فصل : وإن قطع يد عبد فأعتق ثم عاد فقطع رجله واندمل القطعان فلا قصاص في اليد لأنها قطعت في حال رقه ويجب فيها نصف قيمته أو ما نقصه القطع لسيده ويجب القصاص في الرجل التي قطعها حال حريته أو نصف الدية إن عفا عن القصاص لورثته وإن اندمل قطع اليد وسرى قطع الرجل الى نفسه ففي اليد نصف القيمة لسيده وعلى القاطع القصاص في النفس أو الدية كاملة لورثته وإن اندمل قطع الرجل وسرى قطع اليد ففي الرجل القصاص بقطعها أو نصف الدية لورثته ولا قصاص في اليد ولا في سرايتها وعلى الجاني دية حر لسيده منها أقل الأمرين من أرش القطع أو دية الحر على قول ابن حامد وعلى قول أبي بكر والقاضي تجب قيمة العبد لسيده اعتبارا بحال جنايته وإن سرى الجرحان لم يجب القصاص في النفس ولا اليد لأنه مات من جرحين موجب وغير موجب فلم يجب القصاص كما لو جرحه جرحين عمدا وخطأ ولكن يجب القصاص في الرجل لأنه قطعها من حر فإن اقتص منه وجب نصف الدية لأنه مات من جنايته وقد استوفى منه ما يقابل نصف الدية وللسيد أقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية فإن زاد نصف الدية على نصف القيمة كان الزائد للورثة وإن عفا ورثته عن القصاص فلهم أيضا نصف الدية وإن كان قاطع الرجل غير قاطع اليد واندمل الجرحان فعلى قاطع اليد نصف القيمة لسيده وعلى قاطع الرجل القصاص فيها أو نصف الدية وإن سرى الجرحان إلى نفسه فلا قصاص على ألأول لأنه قطع يد عبد وعليه نصف دية حر لأن المجني عليه حر في حال قرر الجناية وعلى الثاني القصاص في النفس إذا كان عمد القطع لأنه شارك في القتل عمدا عدوانا فهو كشريك الأب ويتخرج أن لا قصاص عليه في النفس لأن الروح خرجت من سراية قطعين موجب وغير موجب بناء على شريك الأب وإن عفا عنه إلى الدية فعليه نصف دية حر وإن قلنا بوجوب القصاص في النفس خرج في وجوبه في الطرف روايتان وإن قلنا لا تجب في النفس وجب في الرجل .
فصل : وإن قلع عين عبد ثم أعتق ثم قطع آخر يده ثم قطع آخر رجله فلا قود على الأول سواء اندمل جرحه أو سرى وأما الآخران فعليهما القود في الطرفين إن وقف قطعهما أو ديتهما إن عفا عنهما وإن سرت الجراحات كلها فعليهما القصاص في النفس لأن جنايتهما صارت نفسا وفي ذلك وفي القصاص في الطرف اختلاف وقد ذكرناه وأن عفا عنهما فعليهم الدية أثلاثا وفيما يستحقه السيد وجهان : .
أحدهما : أقل الأمرين من نصف القيمة أو ثلث الدية هذا قياس قول ابي بكر لأنه بالقطع استحق نصف القيمة فإذا صارت نفسا وجب فيها ثلث الدية فكان له اقل الأمرين .
والثاني : له اقل الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية لأن الجناية إذا صارت نفسا كان الاعتبار بما آلت إليه ألا ترى أنه لو جنى الجانيان الآخران قبل العتق أيضا لم يكن على الأول إلا ثلث القيمة فلا يزيد حقه بالعتق كما لو قطع رجل عينه ثم باعه سيده ثم قطع آخر يده وآخر رجله ثم مات فإنه يكون للأول ثلث القيمة وإن كان أرش الجناية نصف القيمة فإذا قلنا بالوجه الأول فلو كان قطع أصبعيه أو هشمه والجانيان في الحرية قطعا يده فالدية عليهم أثلاثا للسيد منها أقل الأمرين من أرش الأصبع وهو عشر القيمةأو ثلث الدية ولو كان الجاني في حال الرق قطع يديه والجانيان في الحرية قطعا رجليه وجبت الدية أثلاثا وكان للسيد منها أقل الأمرين من جميع قيمته أو ثلث الدية وعلى الوجه الآخر يكون له في الفرعين اقل الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية .
فصل : فإن كان الجانيان في حال الرق والواحد في حال الحرية فمات فعليهم الدية وللسيد من ذلك في أحد الوجهين أقل الأمرين من أرش الجنايتين أو ثلثي الدية وعلى الآخر أقل الأمرين من ثلثي القيمة أو ثلثي الدية .
فصل : وإن كان الجناة أربعة واحد في الرق وثلاثة في الحرية ومات كان للسيد في أحد الوجهين الأقل من أرش الجناية أو ربع الدية وعلى الآخر الأقل من ربع القيمة أو ربع الدية وإن كان الثلاث في الرق والواحد كان للسيد أقل الأمرين من أرش الجنايات وثلاثة أرباع الدية في أحد الوجهين وفي ألاخر الأقل من ثلاث أرباع القيمة أو ثلاثة أرباع الدية ولو كانوا عشرة واحد في الرق وتسعة في الحرية فالدية عليهم وللسيد فيها بحساب ما ذكرنا على اختلاف الوجهين .
فصل : فإن قطع يده ثم أعتق فقطع آخر رجله ثم عاد الأول فقتله بعد الاندمال فعليه القصاص للورثة ونصف القيمة للسيد وعلى الآخر القصاص للورثة في الرجل أو نصف الدية فإن كان قبل الاندمال فعلى الجاني الأول الأول القصاص في النفس دون اليد لأنه قطعها في رقه فإن اختار الورثة القصاص في النفس سقط حق السيد لأنه لا يجوز أن يستحق عليه النفس وأرش الطرف قبل الاندمال فإن الطرف داخل في النفس في الأرش وإن اختاروا العفو فعليه الدية دون أرش الطرف لأن أرش الطرف يدخل في النفس وللسيد أقل الأمرين من نصف القيمة أو أرش الطرف والباقي للورثة وأما الثاني فعليه نصف القصاص في الرجل لأن القتل قطع سرايتها فصار كما لو اندملت فإن عفا فعليه القصاص في النفس وهل يقطع طرفه ؟ على روايتين فإن عفا الورثة فعليه دية واحدة وأما الأول فعليه نصف القيمة للسيد ولا قصاص عليه وإن كان القاتل ثالثا فقد استقر القطعان ويكون على الأول نصف القيمة لسيده وعلى الثاني القصاص في الرجل أو نصف الدية لورثته وعلى الثالث القصاص في النفس أو الدية .
فصل : وإذا قطع رجل يد عبده ثم أعتقه ثم اندمل جرحه فلا قصاص عليه ولا ضمان لأنه إنما قطع يد عبده وإنما استقر بالاندمال ما وجب بالجراح وإن مات بعد العتق بسراية الجرح فلا قصاص فيه لأن الجناية كانت على مملوكه وفي وجوب الضمان وجهان : أحدهما : لا يجب شيء لأنه مات بسراية جرح غير مضمون أشبه مالو مات بسراية القطع في الحد وسراية القود ولأنا تبينا أن القطع كان قتلا فيكون قاتلا لعبده فلا يلزمه ضمانه كما لو لم يعتقه والثاني : يضمنه بما زاد على أرش القطع من الدية لأنه مات وهو حر بسراية قطع عدوان فيضمن كما لو كان القاطع أجنبيا لكن يسقط القطع لأنه في ملكه ويجب الزائد لورثته فإن لم يكن له وارث سواه وجب لبيت المال ولا يرث السيد شيئا لأن القاتل لا يرث