فصلان حكم القتل بغير السيف وبما لا يحل لعينه .
فصل : وإن قتله بغير السيف مثل أن قتله بحجر أو هدم أو تغريق أو خنق فهل يستوفي القصاص بمثل فعله ؟ فيه روايتان : إحداهما : له ذلك وهو قول مالك و الشافعي والثانية : لا يستوفي إلا بالسيف في العنق وبه قال أبو حنيفة فيما إذا قتله بمثقل الحديد على إحدى الروايتين عنده أو جرحه فمات ووجه الروايتين ما تقدم في أول المسألة ولأن هذا لا تؤمن معه الزيادة على ما فعله الجاني فلا يجب القصاص بمثل آلته كما لو قطع الطرف بآلة كالة أو مسمومة أو بالسيف فإنه لا يستوفى بمثله ولأن هذا لا يقتل به المرتد فلا يستوفى به القصاص كما لو قتله بتجريع الخمر أو بالسحر ولا تفريع على هذه الرواية فأما على الرواية الأخرى فإنه إذا فعل به مثل فعله فلم يمت قتله بالسيف وهذا أحد قولي الشافعي والقول الثاني أنه يكرر عليه ذلك الفعل حتى يموت به لأنه قتله بذلك فله قتله بمثله .
ولنأ انه قد فعل به مثل فعله فلم يزد عليه كما لو جرحه جرحا أو قطع منه طرفا فاستوفى منه الولي مثله فلم يمت به فإنه لا يكرر عليه الجرح بغير خلاف ويعدل إلى ضرب عنقه فكذا ههنا .
فصل : وإن قتله بما لا يحل لعينه مثل أن لاط به فقتله أو جرعه خمرا أو سحره لم يقتل بمثله اتفاقا ويعدل إلى القتل بالسيف وحكى أصحاب الشافعي فيمن قتله باللواط وتجريع الخمر وجه آخر أنه يدخل في دبره خشبة يقتله بها ويجرعه الماء حتى يموت .
ولنا أن هذا محرم لعينه فوجب العدول عنه إلى القتل بالسيف كما لو قتله بالسحر وإن حرقه فقال بعض أصحابنا لا يحرق لأن التحريق محرم لحق الله تعالى ل [ قول النبي A : لا يعذب بالنار إلا رب النار ] ولأنه داخل في عموم الخبر وهذا مذهب أبي حنيفة وقال القاضي : الصحيح أن فيه روايتين كالتغريق : .
إحداهما : يحرق وهو مذهب الشافعي لما [ روى البراء بن عازب أن النبي A قال : من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه ] وحملوا الحديث الأول على غير القصاص في المحرق