مسألة وفصول سقوط القصاص عن الصبي والمجنون وقصاص السكرن .
مسألة : قال : والطفل والزائل العقل لا يقتلان بأحد .
لا خلاف بين أهل العلم أنه لا قصاص على صبي ولا مجنون وكذلك كل زائل العقل بسبب يعذر فيه مثل النائم والمغمى عليه ونحوهما والأصل في هذا [ قول النبي A : رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق ] ولأن القصاص عقوبة مغلظة فلم تجب على الصبي وزائل العقل كالحدود ولأنهم ليس لهم صحيح فهم كالقاتل خطأ .
فصل : فإن اختلف الجاني وولي الجناية فقال الجاني : كنت صبيا حال الجناية وقال ولي الجناية : كنت بالغا فالقول قول الجاني مع يمينه إذا احتمل الصدق لأن الأصل الصغر وبراءة ذمته من القصاص وإن قال : قتلته وأنا مجنون وأنكر الولي جنونه فإن عرف له حال جنون فالقول قوله أيضا لذلك فإن لم يعرف حال جنون فالقول قول الولي لأن الأصل السلامة وكذلك إن عرف له جنون ثم علم زواله قبل القتل وإن ثبتت لأحدهما بينة بما ادعاه حكم له وإن أقاما بينتين تعارضتا فإن شهدت البينة أنه كان زائل العقل فقال الولي : كنت سكران وقال القاتل : كنت مجنونا فالقول قول القاتل مع يمينه لأنه أعرف بتفسه ولأن الأصل براءة ذمته واجتناب المسلم فعل ما يحرم عليه .
فصل : فإن قتله وهو عاقل ثم جن لم يسقط عنه القصاص سواء ثبت ذلك عليه ببينة أو إقرار لأن رجوعه غير مقبول ويقتص منه في حال جنونه ولو ثبت عليه الحد بإقراره ثم جن لم يقم عليه حال جنونه لأن رجوعه يقبل فيحتمل أنه لو كان صحيحا رجع .
فصل : ويجب القصاص على السكران إذا قتل حال سكره ذكره القاضي وذكر أبو الخطاب أن وجوب القصاص عليه مبني على وقوع طلاقه وفيه روايتان فيكون في وجوب القصاص عليه وجهان : أحدهما : لا يجب عليه لأنه زائل العقل أشبه المجنون ولأنه غير مكلف اشبه الصبي والمجنون .
ولنا أن الصحابة Bهم أقاموا سكره مقام قذفه فأجبوا عليه حد القاذف فلولا أن قذفه موجب للحد عليه لما وجب بمظنته وإذا وجب الحد فالقصاص المتمحض حق آدمي وأولى ولأنه حكم لو لم يجب القصاص والحد لأفضى إلى أن من أراد أن يعصي الله تعالى شرب ما يسكره ثم يقتل ويزني ويسرق ولا يلزمه عقوبة ولا مأثم ويصبر عصيانه سببا لسقوط عقوبة الدنيا والآخرة عنه ولا وجه لهذا وفارق هذا الطلاق ولأنه قول يمكن إلغاؤه بخلاف القتل فأما إن شرب أو أكل ما يزيل عقله غير الخمر على وجه محرم فإن زال عقله بالكلية بحيث صار مجنونا فلا قصاص عليه وإن كان يزول قريبا ويعود من غير تداو فهو كالسكر على ما فصل فيه