فصل في النفقة على البهيمة .
فصل : ومن ملك بهيمة لزمه القيام بها والإنفاق عليها ما تحتاج إليه من علفها أو إقامة من يرعاها لما روى ابن عمر أن النب A قال : [ عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا فلا هي أطعمتها ولا ارسلتها تأكل من خشاش الأرض ] متفق عليه فإن امتنع من الإنفاق عليها أجبر على ذلك فإن أبى أو عجز أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت مما يذبح وقال أبو حنيفة : لا يجبره السلطان بل يأمره به كما يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر لأن البهيمة لا يثبت لها حق من جهة الحكم ألا ترى أنه لا تصح منها الخصومة ولا ينصب عليها خصم فصارت كالزرع والشجر .
ولنا أنها نفقة حيوان واجبة عليه فكان للسلطان إجباره عليها كنفقة العبيد ويفارق الشجر والزرع فإنها لا تجب فإن عجز عن الإنفاق وامتنع عن البيع يبعث عليه كما يباع العبد إذا طلب البيع عند إعسار سيده بنفقته وكما يفسخ نكاحه إذا أعسر بنفقة امرأته وإن عطبت البهيمة فلم ينتفع بها فإن كانت مما يؤكل خير بين ذبحها والإنفاق عليها وإن كانت مما لا يؤكل أجبر على الإنفاق عليها كالعبد الزمن على ما ذكرناه فيما مضى [ ولا يجوز أن يحمل البهيمة ما لا تطيق لأنها في معنى العبد وقد منع النبي A تكليف العبد ما لا يطيق ] لأن فيه تعذيبا للحيوان الذي له حرمة في نفسه وإضرار به وذلك غير جائز ولا يحلب من لبنها إلا ما يفضل عن كفاية ولدها لأن كفايته واجبة على مالكه ولبن أمه مخلوق له فأشبه ولد الأمة