مسألة وفصل حق الزوج في منع امرأته من ارضاع ولدها .
مسألة : قال : وإذا تزوجت المرأة فلزوجها أن يمنعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه التلف .
وجملة ذلك أن للزوج منع امرأته من رضاع ولدها من غيره ومن رضاع ولد غيرها إلا أن يضطر إليها لأن عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج الاستمتاع في كل الزمان من كل الجهات سوى أوقات الصلوات والرضاع يفوت عليه الاستمتاع في بعض الأوقات فكان له المنع كالخروج من منزله فإن اضطر الولد بأن لا توجد مرضعة سواها أو لا يقبل الولد الارتضاع من غيرها وجب التمكين من إرضاعه لأنها حال ضرورة وحفظ لنفس ولدها فقدم على حق الزوج كتقديم المضطر المالك إذا لم يكن بالمالك مثل ضرورته .
فصل : فإن أرادت إرضاع ولدها منه فكلام الخرقي يحتمل وجهين : أحدهما : أن له منعها من رضاعة لعموم لفظه وهو قول الشافعي لأنه يخل باستمتاعه منها فأشبه ما لو كان الولد من غيره والثاني : ليس له منعها فلإنه قال : وإن أرادت رضاع ولدها بأجرة مثلها فهي أحق به من غيرها سواء كانت في حبال الزوج أو مطلقة وذلك لقول الله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } وهذا خبر يراد به أمر وهو عام في كل والدة ولا يصح من أصحاب الشافعي حمله على المطلقات لأنه جعل لهن رزقهن وكسوتهن وهم لا يجيزون جعل ذلك أجر الرضاع ولا غيره وقولنا في الوجه الأول إنه يخل باستمتاعه قلنا : ولكن لإيفاء حق عليه وليس ذلك ممتنعا كما أن قضاء دينه بدفع ماله فيه واجب سيما إذا تعلق به حق الولد في كونه مع أمه وحق الأم في الجمع بينها وبين ولدها وهذا الوجه ظاهر كلام ابن أبي موسى وهو ظاهر كلام القاضي أبي يعلى