مسألة وفصل : أقل مدة الحيض والطهر وأكثرها .
مسألة : قال : وأقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما .
هذا الصحيح من مذهب أبي عبد الله وقال الخلال : مذهب أبي عبد الله لا اختلاف فيه إن أقل الحيض يوم وأكثره خمسة عشر يوما وقيل عنه أكثره سبعة عشر يوما ول الشافعي قولان كالروايتين في أقله وأكثره وقال إسحاق بن راهويه : قال عطاء : الحيض يوم واحد وقال سعيد بن جبير : أكثره ثلاثة عشر يوما وقال الثوري و أبو حنيفة وصاحباه : أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة لما [ روى واثلة بن الاسقع أن النبي A قال : أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة ] وقال أنس : قرء المرأة ثلاث أربع خمس ست سبع ثمان تسع عشرة ولا يقول أنس ذلك إلا توفيقا وقال مالك بن أنس : ليس لأقله حد يجوز أن يكون ساعة لأنه لو كان لأقله حد لكانت المرأة لا تدع الصلاة حتى يمضي ذلك الحد ولنا أنه ورد في الشرع مطلقا من غير تحديد ولا حد له في اللغة ولا في الشريعة فيجب الرجوع فيه إلى العرف والعادة كما في القبض والإحراز والتفرق وأشباهها وقد وجد حيض معتاد يوما قال عطاء : رأيت من النساء من تحيض يوما وتحيض خمسة عشر وقال أحمد : حدثني يحيى بن آدم قال : سمعت شريكا يقول : عندنا امرأة تحيض كل شهر خمسة عشر يوما حيضا مستقيما وقال ابن المنذر : قال الأوزاعي : عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشيا يرون أنه حيض تدع له الصلاة وقال الشافعي : رأيت امرأة أثبت لي عنها لم تزل تحيض يوما لا تزيد عليه وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن أقل من ثلاثة أيام وذكر إسحاق بن راهويه عن بكر بن عبد الله المزني أنه قال : تحيض امرأتي يومين وقال إسحاق : قالت امرأة من أهلنا معروفة لم أفطر منذ عشرين سنة في شهر رمضان إلا يومين وقولهن يجب الرجوع إليه لقوله تعالى : { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } فلولا أن قولهن مقبول ما حرم عليهن الكتمان وجرى ذلك مجرى قوله : { ولا تكتموا الشهادة } ولم يوجد حيض أقل من ذلك عادة مستمرة في عصر من الأعصار فلا يكون حيضا بحال وحديث اوثلة يرويه محمد بن أحمد الشامي وهو ضعيف عن حماد بن المنهال وهو مجهول وحديث أنس يرويه الجلد بن أيوب وهو ضعيف قال ابن عيينة : وهو محدث لا أصل له وقال أحمد في حديث أنس : ليس هو شيئا هذا من قبل الجلد بن أيوب قيل : إن محمد بن إسحاق رواه وقال : ما أراه سمعه إلا من الحسن بن دينار وضعفه جدا قال : وقال يزيد بن زريع ذاك أبو حنيفة لم يحتج إلا ب الجلد بن أيوب وحديث الجلد قد روي عن علي Bه ما يعارضه فإنه قال : مازاد على خمسه عشر استحاضة وأقل الحيض يوم وليلة .
فصل : وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما لأن كلام أحمد لا يختلف أن العدة تصح أن تنقضي في شهر واحد إذا قامت به البينة وقال إسحاق : توقيت هؤلاء بالخمسة عشر باطل قال : أبو بكر أقل الطهر مبني على أكثر الحيض فإن قلنا أكثره خمسة عشر يوما فأقل الطهر خمسة عشر وإن قلنا أكثره سبعة عشر فأقل الطهر ثلاثة عشر وهذا كأنه بناه على أن شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يوما يجتمع لها فيه حيض وطهر وأما إذا زاد شهرها على ذلك تصور أن يكون حيضها سبعة عشر وطهرها خمسة عشر وأكثر وقال مالك و الثوري و الشافعي و أبو حنيفة : أقل الطهر خمسة عشر وذكر أبو ثور أن ذلك لا يختلفون فيه .
ولنا : ما روي عن علي Bه ان امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلت فقال علي لشريح قل فيها ؟ فقال شريح : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة فقال علي : قالون وهذا بالرومية ومعناه جيد وهذا لا يقوله إلا توقيفا ولأنه قول صحابي انتشر ولم نعلم خلافه رواه الإمام أحمد باسناده ولا يجيء إلا على قولنا أقله ثلاثة عشر وأقل الحيض يوم وليلة وهذا في الطهر بين الحيضتين فأما الطهر في أثناء الحيضة فلا توقيت فيه فإن ابن عباس قال : أما ما رأت الدم البحراني فانها لا تصلي وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل وروي أن الطهر إذا كان أقل من يوم لا يلتفت إليه لقول عائشة : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ولأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى فلا يثبت الطهر بمجرد انقطاعه كما لو انقطع أقل من ساعة