فصول بيان نفقة الحمل .
فصل : فأما المعتدة من الوفاة فإن كانت حائلا فلا سكنى لها ولا نفقة لأن النكاح قد زال بالموت وإن كانت حاملا ففيها روايتان : .
إحداهما : لها السكنى والنفقة لأنها حامل من زوجها فكانت لها السكنى والنفقة كالمفارقة في الحياة .
والثانية : لا سكنى لها ولا نفقة لأن المال قد صار للورثة ونفقة الحامل وسكناها إنما هو للحمل أو من أجله ولا يلزم ذلك الورثة لأنه إن كان للميت ميراث فنفقة الحمل من نصيبه وإن لم يكن له ميراث لم يلزم وارث الميت الإنفاق على حمل امرأته كما بعد الولادة قال القاضي : وهذه الرواية أصح .
فصل : وهل تجب نفقة الحمل للحامل من أجل الحمل أو للحمل فيه روايتان : إحداهما : تجب للحمل اختارها أبو بكر لأنها تجب بوجوده وتسقط عند انفصاله فدل على أنها له .
والثانية : تجب لها من أجله لأنها تجب مع اليسار والإعسار فكانت له كنفقة الزوجات ولأنها لا تسقط بمضي الزمان فأشبهت نفقتها في حياته و لـ لشافعي قولان كالروايتين وينبني على هذا الاختلاف فروع منها أنها إذا كانت المطلقة الحامل أمة وقلنا النفقة للحمل فنفقتها على سيدها لأنه ملكه وإن قلنا لها فعلى الزوج لأن نفقتها عليه وإن كان الزوج عبدا وقلنا هي للحمل فليس عليه نفقته لأنه لا تلزمه نفقة ولده وإن قلنا لها فالنفقة عليه لما ذكرنا وإن كانت حاملا من نكاح فاسد أو وطء شبهة وقلنا النفقة للحمل فعلى الزوج والواطىء لأنه ولده فلزمته نفقته كما بعد الوضع وإن قلنا للحامل فلا نفقة عليها لأنها ليست زوجة يجب الإنفاق عليها وإن نشزت امرأة إنسان وهي حامل وقلنا النفقة للحمل لم تسقط نفقتها لأن نفقة ولده لا تسقط بنشوز أمه وإن قلنا لها فلا نفقة لها لأنها ناشز .
فصل : ويلزم الزوج دفع نفقة الحامل المطلقة إليها يوما فيوما كما يلزمه دفع نفقة الرجعية وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يلزمه دفعها إليها حتى تضع لأن الحمل غير متحقق ولهذا وقفنا الميراث وهذا خلاف قول الله تعالى : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } ولأنها محكوم لها بالنفقة فوجب دفعها إليه كالرجعية وما ذكروه غير صحيح فإن الحمل يثبت بالأمارات وتثبت أحكامه في منع النكاح والحد والقصاص وفسخ البيع في الجارية المبيعة والمنع من الأخذ في الزكاة ووجوب الدفع في الدية فهو كالمتحقق ولا يشبه هذا الميراث فإن الميراث لا يثبت إلا بمجرد الحمل فإنه يشترط له الوضع والاستهلال بعد الوضع ولا يوجد ذلك قبله ولأننا لانعلم صفة الحمل وقدره ووجوده توريثه بخلاف مسألتنا فإن النفقة تجب بمجرد الحمل ولا تختلف باختلافه فإذا ثبت هذا فمتى ادعت الحمل فصدقها دفع إليها إن كان حملا فقد استوفت حقها وإن بان أنها ليست حاملا رجع عليها سواء دفع إليها بحكم الحاكم أو بغيره وسواء شرط أنها نفقة أو لم يشترط وعنه : لا يرجع والصحيح أنه يرجع لأنه دفعه على أنه واجب فإذا بان أنه ليس بواجب استرجعه كما لو قضاها دينا فبان أنه لم يكن عليه دين وإن أنكر حملها نظر النساء الثقات فرجع إلى قولهن ويقبل قول المرأة الواحدة إذا كانت من أهل الخبرة والعدالة لأنها شهادة على ما لا يطلع عليه الرجال أشبه الرضاع وقد ثبت الأصل بالخبر