فصول فيمن تجب عليه النفقة وقدر ما يجب وفروع أخرى .
فصل : فإن اجتمع أبوا أم فالنفقة على أم الأم لأنها الوارثة وإن اجتمع أبوا أب فعلى أم الأب السدس والباقي على الجد وإن اجتمع جد وأخ فهما سواء وإن اجتمعت أم وأخ وجد فالنفقة بينهم أثلاثا وقال الشافعي : النفقة على الجد في هذه المسائل كلها إلا المسألة الأولى فالنفقة عليهما بالسوية وقد مضى الكلام على أصل هذا فيما تقدم .
فصل : فإن كان فيمن عليه النفقة خنثى مشكل فالنفقة عليه بقدر ميراثه فإن انكشف بعد ذلك حاله فبان أنه أنفق أكثر من الواجب عله رجع بالزيادة على شريكه في الإنفاق وإن بان أنه أنفق أقل رجع عليه فلو كان للرجل ابن وولد خنثى عليهما نفقته فأنفقا عليه ثم بان أن الخنثى ابن رجع عليه أخوة بالزيادة وإن بان بنتا رجعت على أخيها بفضل نفقتها لأن له الفضل أدى ما لا يجب عليه أداؤه معتقدا وجوبه فإذا تبين خلافه رجع ذلك كما لو أدى ما يعتقده دينا فبان بخلافه .
فصل : فإن كان له قرابتان موسران واحدهما محجوب عن ميراثه بفقير فقد ذكرنا أنه إن كان المحجوب من عمودي النسب فالظاهر أن الحجب لا يسقط النفقة عنه وإن كان من غيرهما فلا نفقة عليه فعلى هذا إذا كان له أبوان وجد والأب معسر كان الأب كالمعدوم فيكون على الأم ثلث النفقة والباقي على الجد وإن كان معهم زوجة فكذلك وإن قلنا لا نفقة على المحجوب فليس على الأم ههنا إلا ربع النفقة ولا شيء على الجد وإن كان أبوان وأخوان وجد والأب معسر فلا شيء على الأخوين لأنهما محجوبان وليسا من عمودي النسب ويكون على الأم الثلث والباقي على الجد كما لو لم يكن أحد غيرهما ويحتمل ان لا يجب على الأك إلا السدس لأنه لو كان الأب معدوما لم ترث إلا السدس وإن قلنا : إن كل محجوب لا نفقة عليه فليس على الأم إلا السدس ولا شيء على غيرها وإن لم يكن في المسألة جد فالنفقة كلها على الأم على القول الأول وعلى الثاني ليس عليها إلا السدس وإن قلنا إن على المحجوب بالمعسر النفقة وإن كان من غير عمودي النسب فعلى الأم السدس والباقي على الجد والأخوين أثلاثا كما يرثون إذا كان الأب معدوما وإن كان بعض من عليه النفقة غائبا وله مال حاضر أنفق الحاكم منه حصته وإن لم يوجد له مال حاضر فأمكن الحاكم الاقتراض عليه اقتراض فإذا قدم فعليه وفاؤه .
فصل : ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص وله امرأة فالنفقة لها دون الأقارب ل [ قول النبي A في حديث جابر : إذا كان أحدكم فقيرا فيبدأ بنفسه فإن كان له فضل فعلى عياله فإن كان له فضل فعلى قرابته ] ولأن نفقة القريب مواساة ونفقة المرأة تجب على سبيل المعاوضة فقدمت على مجرد المواساة ولذلك وجبت مع يسارهما وإعسارهما ونفقة القريب بخلاف ذلك ولأن نفقة الزوجة تجب لحاجته فقدمت على نفقة القرابة كنفقة نفسه ثم من بعدها نفقة الرقيق لأنها تجب مع اليسار والإعسار فقدمت على مجرد المواساة ثم من بعد ذلك الأقرب فالأقرب فإن اجتمع أب وجد وابن وابن ابن قدم الأب على الجد والابن على ابنه وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين : يستوي الأب والجد والابن وابنه لتساويهم في الولادة والتعصيب .
ولنا أن الأب والابن أقرب وأحق بميراثه فكانا أحق كالأب مع الأخ وإن اجتمع ابن وجد أو أب وابن ابن احتمل وجهين : أحدهما : تقديم الابن والأب لأنهما أقرب فإنهما يليانه واسطة ولا يسقط إرثهما بحال والجد وابن الابن بخلافهما ويحتمل التسوية بينهما لأنهما سواء في الإرث والتعصيب والولادة وإن اجتمع جد وابن ابن فهما سواء لتساويهما في القرب والإرث والولادة والتعصيب ويحتمل فيهما ما يحتمل في الأب والابن على ما سنذكره .
فصل : وإن اجتمع أب وابن فقال القاضي : إن كان الابن صغيرا أو مجنونا قدم لأن نفقتة وجبت بالنص مع أنه عاجز عن الكسب والأب قد يقدر عليه وإن كان الابن كبيرا والأب زمن فهو أحق لأن حرمته آكد وحاجته أشد ويحتلم تقديم الابن لأن نفقته وجبت بالنص وإن كانا صحيحين فقيرين ففيهما ثلاثة أوجه : .
أحدها : التسوية بينهما لتساويهما في القرب وتقابل مرتبتهما والثاني : تقديم الابن لوجوب نفقته بالنص والثالث : تقديم الأب لتأكد حرمته وإن اجتمع أبوان ففيهما الوجوه الثلاثة : أحدها : التسوية لما ذكرنا والثاني : تقديم الأم لأنها أحق بالبر ولها فضيلة الحمل والرضاع والتربية وزيادة الشفقة وهي أضعف وأعجز والثالث : تقديم الأب لفضيلته وانفراده بالولاية على ولده واستحقاق الأخذ من ماله وإضافة النبي A الولد وماله إليه بقوله : [ أنت ومالك لأبيك ] والأول أولى وإن اجتمع جد وأخ احتمل التسوية بينهما لاستوائهما في استحقاق ميراثه والصحيح أن الجد أحق لأنه له مزية الولادة والأبوة ولأن ابن ابنه يرثه ميراث ابن ويرث الأخ ميراث أخ وميراث الابن آكد فالنفقة الواجبة به تكون آكد وإن كان مكان الأخ ابن أخ أو عم فالجد أولى بكل حال .
فصل : والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأدم والكسوة بقدر العادة على ما ذكرناه في الزوجة لأنها وجبت للحاجة فتقرت بما تندفع به الحاجة وقد [ قال النبي A لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] فقدر نفقتها ونفقة ولدها بالكفاية فإن احتاج إلى خادم فعليه إخدامه كما قلنا في الزوجة لأن ذلك من تمام كفايته