فصلان كيفية تحقق عشرة الزوج .
فصل : وإن لم يجد النفقة إلا يوما بيوم فليس ذلك إعسارا يثبت به الفسخ لأن ذلك هو الواجب عليه وقد قدر عليه وإن وجد في أول النهار ما يغديها وفي آخره ما يعيشها لم يكن لها الفسخ لأنها تصل إلى كفايتها وما يقوم به بدنها وإن كان صانعا يعمل في الأسبوع بما يبيعه في يوم بقدر كفايتها في الإسبوع كله لم يثبت الفسخ لأن هذا يحصل الكفاية في جميع زمانه وإن تعذر عليه الكسب في بعض زمانه أو تعذر البيع لم يثبت الفسخ لأنه يمكن الاقتراض إلى زوال العارض وحصول الاكتساب وإن عجز عن الاقتراض أياما يسيرة لم يثبت الفسخ لأن ذلك يزول عن قريب ولا يكاد يسلم منه كثير من الناس وإن مرض مرضا يرجى زواله في أيام يسيرة لم يفسخ لما ذكرناه وإن كان ذلك يطول فلها الفسخ لأن الضرر الغالب يلحقها ولا يمكنها الصبر وكذلك إن كان لا يجد من النفقة إلا يوما دون يوم فلها الفسخ لأنها لا يمكنها الصبر على هذا ويكون بمثابة من لا يجد إلا بعض القوت وإن أعسر ببعض نفقة المعسر ثبت لها الخيار لأن البدن لا يقوم بما دونها وإن أعسر بما زاد على نفقة المعسر فلا خيار لها لأن تلك الزيادة تسقط بإعساره ويمكن الصبر عنها ويقوم البدن بما دونها وإن أعسر بنفقة الخادم لم يثبت لها خيار لما ذكرنا وكذلك إن أعسر بالأدم وإن أعسر بالكسوة فلها الفسخ لأن الكسوة لا بد منها ولا يمكن الصبر عنها ولا يقوم البدن بدونها وإن أعسر بأجرة مسكن ففيه وجهان : أحدهما : لها الخيار لأنه مما لا بد منه فهو كالنفقة والكسوة والثاني : لا خيار لها لأن البنية تقوم بدونه وهذا الوجه هو الذي ذكره القاضي وإن أعسر بالنفقة الماضية لم يكن لها الفسخ لأنها دين يقوم البدن بدونها فأشبهت سائر الديون .
الحال الثاني : أن يمتنع من الإنفاق مع يساره فإن قدرت له على مال أخذت منه قدر حاجتها ولا خيار لها ل [ أن النبي A أمر هندا بالأخذ ولم يجعل لها الفسخ ] وإن لم رافعته إلى الحاكم فيأمره بالإنفاق ويجبره عليه فإن أبى حبسه فإن صبر على الحبس أخذ الحاكم النفقة من ماله فإن لم يجد عروضا أو عقارا باعها في ذلك وبهذا قال مالك و الشافعي و أبو يوسف و محمد و أبو ثور وقال أبوحنيفة : النفقة في ماله من الدنانير والدارهم ولا يبيع عوضا إلا بتسليم لأن بيع مال الإنسان لا ينفذ إلا بإذنه أو إذن وليه ولا ولاية على الرشيد .
[ ولنا قول النبي A لهند : خذي ما يكفيك ولم يفرق ولأن ذلك مال له فتؤخذ منه النفقة كالدراهم والدنانير وللحاكم ولاية عليه إذا امتنع بدليل ولايته على دراهمه ودنانيره ] وإن تعذرت النفقة في حال غيبته وله وكيل فحكم وكيله حكمه في المطالبة والأخذ من المال عند امتناعه وإن لم يكن له وكيل ولم تقدر المرأة على الأخذ أخذ لها الحاكم من ماله يجوز بيع عقاره وعروضه في ذلك إذا لم تجد ما تنفق سواه وينفق على المرأة يوما بيوم وبهذا قال الشافعي ويحيى بن آدم وقال أصحاب الرأي : يفرض لها في كل شهر .
ولنا أن هذا تعجيل للنفقة قبل وجوبها فلم يجز كما لو عجل لها نفقة زيادة عن شهر .
فصل : وإن غيب ماله وصبر على الحبس ولم يقدر الحاكم له على مال يأخذه أو لم يقدر على أخذ النفقة من مال الغائب فلها الخيار في الفسخ في ظاهر قول الخرقي واختيار أبي الخطاب واختار القاضي أنها لا تملك الفسخ وهو ظاهر مذهب الشافعي لأن الفسخ في المعسر لعيب الإعسار ولم يوجد ههنا ولأن الموسر في مظنة إمكان الأخذ من ماله وإذا امتنع في يوم فربما لا يمتنع في الغد بخلاف المعسر .
ولنا أن عمر Bه كتب في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا وهذا إجبار على الطلاق عند الامتناع من الإنفاق ولأن الإنفاق عليها من ماله يتعذر فكان لها الخيار كحال الإعسار بل هذا أولى بالفسخ فإنه إذا جاز الفسخ على المعذور فعلى غيره أولى ولأن في الصبر ضررا أمكن ازالته بالفسخ فوجبت إزالته ولأنه نوع تعذر يجوز الفسخ فلم يفترق الحال بين الموسر والمعسر كما إذا أدى ثمن المبيع فإنه لا فرق في جواز الفسخ بين أن يكون المشتري معسرا وبين أن يهرب قبل أداء الثمن وعيب الإعسار إنما جوز الفسخ لتعذر الإنفاق بدليل أنه لو اقترض ما ينفق عليها أو تبرع له إنسان بدفع ما ينفقه لم تملك الفسخ وقولهم إنه يحتمل أن ينفق فيما بعد هذا قلنا : وكذلك المعسر يحتمل أن يغنيه الله وإن يقترض أو يعطى ما ينفقه فاستويا