مسألة و فصل كيفية تقدير نفقة الزوجة .
مسألة : قال أبو القاسم C تعالى : وعلى الزوج نفقة زوجته ما لا غناء بها عنه وكسوتها .
وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج على الوجه الواجب عليها فلها عليه جميع حاجتها من مأكول ومشروب وملبوس ومسكن قال أصحابنا : ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا فإن كانا موسرين فلها عليه نفقة الموسرين وإن كانا معسرين فعليه نفقة المعسرين وإن كانا متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر وقال أبو حنيفة و مالك : يعتبر حال المرأة على قدر كفايتها لقول الله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } والمرعوف الكفاية ولأنه سوى بين النفقة والكسوة والكسوة على قدر حالها فكذلك النفقة [ وقال النبي A لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] فاعتبر كفايتها دون حال زوجها ولأن نفقتها واجبة لدفع حاجتها فكان الاعتبار بما تندفع به حاجتها دون حال من وجبت عليه كنفقة المماليك ولأنه واجب للمرأة على زوجها بحكم الزوجية لم يقدر فكان معتبرا بها كمهرها وكسوتها وقال الشافعي : الاعتبار بحال الزوج وحده لقول الله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } ولنا أن فيما ذكرناه جمعا بين الدليلين وعملا بكلا النصين ورعاية لكلا الجانبين فيكون أولى .
فصل : والنفقة مقدرة بالكفاية وتختلف باختلاف من تجب له النفقة في مقدارها وبهذا قال أبو حنيفة و مالك وقال القاضي : هي مقدرة بمقدار لا يختلف في القلة والكثرة والواجب رطلان من الخبز في كل يوم في حق الموسر والمعسر اعتبارا بالكفارات وإنما يختلفان في صفته وجوته لأن الموسر والمعسر سواء في قدر المأكول وفيما تقوم به البنية وإنما يختلفان في جودته فكذلك النفقة الواجبة وقال الشافعي : نفقة المقتر مد بمد النبي A لأن أقل ما يدفع في الكفارة إلى الواحد مد والله سبحانه اعتبر الكفارة بالنفقة على الأهل فقال سبحانه : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } وعلى الموسر مدان لأن أكثر ما أوجب الله سبحانه للواحد مدين في كفارة الأذى وعلى المتوسط مد ونصف ونصف نفقة الموسر ونصف نفقة الفقير .
[ ولنا قول النبي A لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] فأمرها بأخذ ما يكفيها من غير تقدير ورد الاجتهاد في ذلك إليها ومن المعلوم أن قدر كفايتها لا ينحصر في المدين بحيث لا يزيد عنهما ولا ينقص ولأن الله تعالى قال : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } و [ قال النبي A : ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ] وإيجاب أقل من الكفاية من الرزق ترك للمعروف وإيجاب قدر الكفاية وإن كان أقل من مد أو من رطلي خبز إنفاق بالمعروف فيكون ذلك هو الواجب بالكتاب والسنة واعتبار النفقة بالكفارة في القدر لا يصح لأن الكفارة لا تختلف باليسار والإعسار ولا هي مقدرة بالكفارة وإنما اعتبرها الشرع بها في الجنس دون القدر ولهذا لا يجب فيها الأدم