مسألة وفصل قال وإن شهدت امرأة واحدة على الرضاع أو المرضعة على نفسها .
مسألة : قال : وإذا شهدت امرأة واحدة على الرضاع حرم النكاح إذا كانت مرضية وقد روي عن أبي عبد الله C رواية أخرى إن كانت مرضية استحلفت فإن كانت كاذبة لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها وذهب في ذلك إلى قول ابن عباس Bه .
وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع إذا كانت مرضية وبهذا قال طاوس و الزهري و الأوزاعي و ابن أبي ذئب و سعيد بن عبد العزيز وعن أحمد رواية أخرى لا يقبل إلا شهادة امرأتين وهو قول الحكم لأن الرجال أكمل من النساء ولا يقبل إلا شهادة رجلين فالنساء أولى وعن أحمد رواي ثالثة أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة وتستحلف مع شهادتها وهو قول ابن عباس و إسحاق لأن ابن عباس قال في امرأة زعمت أنها أرضعت رجلا وأهله فقال إن كان مرضية استحلفت وفارق امرأته وقال : إن كانت كاذبة لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها يعني يصيبها فيهما برص عقوبة على كذبها وهذا لا يقتضيه قياس ولا يهتدى إليه رأي فالظاهر أنه لا يقوله إلا توقيفا وقال عطاء و قتادة و الشافعي : لا يقبل من النساء أقل من أربع لأن كل امرأتين كرجل وقال أصحاب الرأي : لا يقبل فيه إلا رجلان أو رجل وامرأتان وروى ذلك عن عمر لقول الله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } .
[ ولنا ما روى عقبة بن الحارث قال : تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت : قد أرضعتكما فأتيت النبي A فذكرت ذلك له فقال : كيف وقد زعمت ذلك ؟ ] متفق عليه وفي لفظ رواه النسائي قال : [ فأتيته من قبل وجهه فقلت إنها كاذبة قال : كيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما ؟ خل سبيلها ؟ ] وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة .
وقال الزهري : فرق بين أهل أبيات في زمن عثمان Bه بشهادة امرأة في الرضاع وقال الأوزاعي فرق عثمان بين أربعة نسائهم بشهادة امرأة في الرضاع وقال الشعبي : كانت القضاة تفرق بين الرجل والمرأة بشهادة امرأة واحدة في الرضاع ولأن هذا شهادة على عورة فقبل فيها شهادة النساء المنفردات كالولادة وعلى الشافعي بأنه معنى يقبل فيه قول النساء المنفردات فقبل فيه شهادة المرأة المنفردة كالخبر .
فصل : ويقبل فيه شهادة المرضعة على فعل نفسها لما ذكرنا [ من حديث عقبة من أن الأمة السوداء قالت : قد أرضعتكما فقبل النبي A شهادتها ] ولأنه فعل لا يحصل لها به نفع مقصود ولا تدفع عنها به ضررا فقبلت شهادتها به كفعل غيرها فإن قيل فإنها تستبيح الخلوة به والسفر معه وتصير محرما له قلنا : ليس هذا من الأمور المقصودة التي ترد بها الشهادة ألا ترى أن رجلين لو شهدا أن فلانا طلق زوجته وأعتق أمته قبل شهادتهما وإن كان يحل لهما نكاحها بذلك ؟