فصول تغريم نصف الصداق على من أفسد النكاح قبل الدخول .
فصل : ومن أفسد نكاح امرأة بالرضاع قبل الدخول غرم نصف صداقها وإن كان بعد الدخول فنص أحمد على أنه يرجع عليه بالمهر كله وهو مذهب الشافعي لأن المرأة تستحق المهر كله على زوجها فترجع بما لزمه كنصف المهر في غير المدخول بها والصحيح إن شاء الله تعالى أنه لا يرجع على المرضعة بعد الدخول بشيء لأنها لم تقرر على الزوج شيئا ولم تلزمه إياه فلم يرجع عليها بشيء كما لو أفسدت نكاح نفسها ولأنه لو ملك الرجوع بالصداق بعد الدخول لسقط إذا كانت المرأة هي المفسدة للنكاح كالنصف قبل الدخول ولأن خروج البضع من ملك الزوج غير متقوم على ما ذكرناه فيما مضى ولذلك لا يجب مهر المثل وإنما رجع الزوج بنصف المسمى قبل الدخول لأنها قررته عليه ولذلك يسقط إذا كانت هي المفسدة لنكاحها ولم يوجد ذلك ههنا وهذا قول بعض أصحاب الشافعي ولأنه لو رجع بالمهر بعد الدخول لم يخل إما أن يكون رجوعه ببدل البضع الذي فوتته أو بالمهر الذي أداه لا يجوز أن يكون ببدل البضع لأنه لو وجب بدله لوجب له على الزوجة إذا فات بفعلها أو بقتلها ولكان الواجب لها مهر مثلها ولا يجوز له بدل ما أداه إليها لذلك ولأنها ما أوجبته ولا لها أثر في إيجابه ولا أدئاه ولا تقريره ولا نعلم بينهم خلافا في أنها إذا أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول أنه لا يسقط مهرها ولا يرجع عليها بشيء إن كان أداه إليها ولا في أنها إذا افسدته قبل الدخول أنه يسقط صداقها وأنه يرجع عليها بما أعطاها فلو دبت صغيرة إلى كبيرة فارتضعت منها خمس رضعات وهي نائمة وهما زوجتا رجل انفسخ نكاح الكبيرة وحرمت على التأبيد فإن كان دخل بالكبيرة حرمت الصغيرة وانفسخ نكاحها ولا مهر للصغيرة لأنها فسخت نكاح نفسها وعليه مهر الكبيرة يرجع به على الصغيرة عند أصحابنا ولا يرجع على ما اخترناه وإن لم يكن دخل بالكبيرة فعليه نصف صداقها يرجع به على مال الصغيرة لأنها فسخت نكاحها وإن ارتضعت الصغيرة منها رضعتين وهي نائمة ثم انتبهت الكبيرة فأتمت لها ثلاث رضعات فقد حصل الفساد بفعلهما فيتقسط الواجب عليهما وعليه مهر الكبيرة وثلاثة أعشار مهر الصغيرة يرجع به على الكبيرة وإن لم يكن دخل بالكبيرة فعليه خمس مهرها يرجع به على الصغيرة وهل ينفسخ نكاح الصغيرة ؟ على روايتين .
فصل : وإن أفسد النكاح جماعة تقسط المهر عليهم فلو جاء خمس فسقين زوجة صغيرة من لبن أم الزوج خمس مرات انفسخ نكاحها ولزمهن نصف مهرها بينهن فإن سقتها واحدة شربتين وأخرى ثلاثا فعلى الأولى الخمس وعلى الثانية خمس وعشر وإن سقتها واحدة شربتين وسقاها ثلاث ثلاث شربات فعلى الأولى الخمس وعلى كل واحدة من الثلاث عشر وإن كان له ثلاث نسوة كبار وواحدة صغيرة فأرضعت كل واحدة من الثلاث الصغيرة أربع رضعات ثم حلبن في إناء وسقينه الصغيرة حرم الكبار وانفسخ نكاحهن فإن لم يكن دخل بهن فنكاح الصغيرة ثابت على إحدى الروايتين وعليه لكل واحدة منهن ثلث صداقها ترجع به على ضرتيها لأن فساد نكاحها حصل بفعلها وفعلهما فسقط ما قابل فعلها وهو سدس الصداق وبقي عليه الثلث فرجع به على ضرتيها فإن كان صداقهن متساويا سقط ولم يجب شيء لأنه يتقاص ما لها على الزوج بما يرجع به عليها إذ لا فائدة في أن يجب لها عليه ما يرجع به عليها وإن كان مختلفا وهو من جنس واحد تقاصا منه بقدر أقلهما ووجبت الفضلة به لصاحبها وإن كان من أجناس ثبت التراجع على ما ذكرنا وإن كان قد دخل بإحدى الكبار حرمت الصغيرة أيضا وانفسخ نكاحها ووجب لها نصف صداقها ترجع به عليهن أثلاثا وللتي دخل بها المهر كاملا وفي الرجوع به ما أسلفناه من الخلاف وإن حلبن في إناء فسقته إحداهن الصغيرة خمس مرات كان صداق ضراتها يرجع به عليها إن كان قبل الدخول بهن لأنها أفسدت نكاحهن ويسقط مهرها إن لم يكن دخل بها وإن كان دخل بها فلها مهرها ولا ترجع به على أحد وإن كانت كل واحدة من الكبار أرضعت الصغيرة خمس رضعات حرم الثلاث فإن كان لم يدخل بهن فلا مهر لهن عليه وإن كان دخل بهن فعليه لكل واحدة مهرها لا يرجع به على أحد وتحرم الصغيرة ويرجع بما لزمه من صداقها على المرضعة الأولى أنها التي حرمتها عليه وفسخت نكاحها ولو أرضع الثلاث الصغيرة بلبن الزوج فأرضعتها كل واحدة رضعتين صارت بنتا لزوجها في الصحيح وينفسخ نكاحها ويرجع بنصف صداقها عليهن على المرضعتين الأوليين منه أربعة أخماسه وعلى الثالثة خمسه لأن رضعتها الأولى حصل بها التحريم لكمال الخمس بها والثانية لا أثر لها في التحريم فلم يجب عليها بها شيء ولا ينفسخ نكاح الأكابر لأنهن لم يصرن أمهات لها ولو كان لامرأته الكبيرة خمس بنات لهن لبن فأرضعن امرأته الصغيرة رضاعا تصير به إحداهن أما لها لحرمت أمها وانفسخ نكاحها وهل ينفسخ نكاح الصغيرة على روايتين وإن أرضعت كل واحدة منهن الصغيرة رضعة فالصحيح أن الكبيرة لا تحرم بهذا لأن كونها جدة يبنى على كون ابنتها أما وما صارت واحدة من بناتها أما ويحتمل أن تحرم لأنه قد كمل لها من بناتها خمس رضعات وكذلك الحكم لو أرضعتها بنتها رضعة وبنت ابنها رضعة وبنات بناتها ثلاث رضعات ولو كمل لها من زوجته بلبنه ومن أمه وأخته وابنته وابنة ابنه خمس رضعات فعلى وجهين أصحهما : لا يثبت تحريمها وفي الآخر يثبت فعلى على الوجه ينفسخ نكاحها ويرجع عليهن بما غرم من صداقها على قدر رضاعهن فإن قيل : فلم لا يرجع عليهن على عدد رؤوسهن لكون الرضاع مفسدا فيستوي قليله وكثيره كما لو طرح النجاسة جماعة في مائع في حالة واحدة ؟ قلنا لأن التحريم يتعلق بعدد الرضعات فكان الضمان متعلقا بالعدد بخلاف النجاسة فإن التنجيس لا يتعلق بقدر فيستوي قليله وكثيره ليكون القليل والكثير سواء في الإفساد فنظير ذلك أن يشرب في الرضعة من إحداهما أكثر مما يشرب من الأخرى .
فصل : إذا كانت له زوجة أمة فأرضعت امرأته الصغيرة فحرمتها عليه وفسخت نكاحها كان مالزمه من صداق الصغيرة له في رقبة الأمة لأن ذلك من جنايتها وإن أرضعتها أم ولده أفسدت نكاحها وحرمتها عليه لأنها ربيبة دخل بأمها وتحرم أم الولد عليه أبدا لأنها من أمهات نسائه ولا غرامة عليها لأنها أفسدت على سيدها فإن كان قد كاتبها رجع عليها لأن المكاتبة يلزمها أرش جنايتها وإن أرضعت أم ولده امرأة ابنه بلبنه فسخت نكاحها وحرمتها عليه لأنها صارت أخته وإن أرضعت زوجة أبيه بلبنه حرمتها عليه لأنها صارت بنت ابنه ويرجع الأب على ابنه بأقل الأمرين مما غرمه لزوجته أو قيمتها لأن ذلك من جناية أم ولده وإن ارضعت واحدة منهما بغير لبن سيدها لم تحرمها لأن كل واحدة منهما صارت بنت أم ولده