مسألتان وفصلان الرضاع الذي لا يشك في تحريمه وشروط الرضعات المحرمات .
مسألة : قال أبو القاسم C : والرضاع الذي لا يشك في تحريمه أن يكون خمس رضعات فصاعدا .
في هذه المسألة مسألتان : .
المسألة الأولى : أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا هذا الصحيح في المذهب وروي هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير و عطاء و طاوس وهو قول الشافعي وعن أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيرة يحرم وروي ذلك عن علي وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب و الحسن و مكحول و الزهري و قتادة و الحكم و حماد و مالك و الأوزاعي و الثوري و الليث وأصحاب الرأي وزعم الليث أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيرة يحرم في المهد ما يفطر به الصائم واحتجوا بقول الله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } وقوله عليه السلام : [ يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ] .
[ وعن عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت قد أرضعتكما فذكرت ذلك للنبي A فقال : كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما ؟ ] متفق عليه ولأن ذلك فعل يتعلق به تحريم مؤبد فلم يعتبر فيه العدد كتحريم أمهات النساء ولا يلزم اللعان لأنه قول .
والرواية الثانية : لا يثبت التحريم إلا بثلاث رضعات وبه قال أبو ثور و أبو عبيد و داود و ابن المنذر ل [ قول النبي A : لا تحرم المصة ولا المصتان ] [ وعن أم الفضل بنت الحارث قالت : قال نبي الله A : لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ] رواهما مسلم ولأن ما يعتبر فيه العدد والتكرار يعتبر فيه الثلاث [ وروي عن حفصة : لا يحرم دون عشر رضعات وروي ذلك عن عائشة لأن عروة روى في حديث سهلة بنت سهيل فقال لها رسول الله A فيما بلغنا : أرضعيه عشر رضعات فيحرم بلبنها ] وجه الأولى ما روي عن عائشة أنها قالت : انزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ من ذلك خمس وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن فتوفي رسول الله A والأمر على ذلك رواه مسلم وروى مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة عن سهلة بنت سهيل : أرضعي سالما خمس رضعات فيحرم بلبنها والآية فسرتها السنة وبينت الرضاعة المحرمة وصريح ما رويناه يخص مفهوم ما رووه فنجمع بين الأخبار ونحملها على الصريح الذي رويناه .
فصل : وإذا وقع الشك في وجود الرضاع أو في عدد الرضاع المحرم هل كملا أو لا لم يثبت التحريم لأن الأصل عدمه فلا تزول عن اليقين بالشك كما لو شك في وجود الطلاق وعدده .
المسألة الثانية : أن تكون الرضعات متفرقات وبهذا قال الشافعي والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف لأن الشرع ورد بها مطلقا ولم يحدها بزمن ولا مقدار فدل ذلك على أنه ردهم إلى العرف فإذا ارتضع الصبي وقطع قطعا بينا باختياره وكان ذلك رضعه فإذا عاد كانت رضعة أخرى فأما إن قطع لضيق نفس أو للانتقال من ثدي أو لشيء يلهيه أو قطعت عليه المرضعة نظرنا فإن لم يعد قريبا فهي رضعة وإن عاد في الحال ففيه وجهان : .
أحدهما : أن الأول رضعة فإذا عاد فهي رضعة أخرى وهذا اختيار أبي بكر وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل فإنه قال : أما ترى الصبي يرتضع من الثدي فإذا أدركه النفس أمسك عن الثدي ليتنفس أو يستريح فإذا فعل ذلك فهي رضعة وذلك لأن الأولى رضعة لو لم يعد فكانت رضعة وإن عاد كما لو قطع باختياره والوجه الآخر : أن جميع ذلك رضعة وهو مذهب الشافعي إلا فيما إذا قطعت عليه المرضعة ففيه وجهان لأنه لو حلف إليه من الطعام إلا أكلة واحدة فاستدام الأكل زمنا أو قطع لشرب الماء أو انتقال من لون أو انتظار لما يحمل إليه من الطعام لم يعد إلا أكلة واحدة فكذا ههنا والأول أصح لأن اليسير من السعوط والوجور رضعة فكذا هذا