فصول حكم تصرف الزوج المفقود في زوجته بطلاق أو ظهار ونكاح المرأة نكاحا متفقا على بطلانه .
فصل : وإن تصرف الزوج المفقود في زوجته بطلاق أو ظهار أو إيلاء أو قذف صح تصرفه لأن نكاحه باق ولهذا خير في أخذها وإنما حكمنا بإباحة تزويجها لأن الظاهر موته فلا يبطل في الباطن كما لو شهدت بموته بينة كاذبة .
فصل : وإذا فقدت الأمة زوجها تربصت أربع سنين ثم اعتدت للوفاة شهرين وخمسة أيام وهذا اختيار أبي بكر وقال القاضي : تتربص تربص الحرة ورواه أبو طالب عن أحمد وهو قول الأوزاعي و الليث لأنها مدة مضروبة للمرأة لعدم زوجها فكانت الأمة فيه على النصف من الحرة كالعدة .
ولنا أن الأربع سنين مضروبة كونها أكثر مدة الحمل ومدة الحمل في الحرة والأمة سواء فاستويا في التربص لها كالتسعة الأشهر في حق من ارتفع حيضها لا تدري مارفعه ؟ وكالحمل نفسه وبهذا ينتقض قياسهم فأما العبد فإن كانت زوجته حرة فتربصها تربص الحرة تحت الحر وإن كانت أمة فهي كالأمة تحت الحر لأن العدة معتبرة بالنساء دون الرجال وكذلك مدة التربص وحكي عن الزهري و مالك أنه يضرب له نصف أجل الحر والأولى ما قلناه لأنه تربص مشروع في حق المرأة لفرقة زوجها فأشبه العدة .
فصل : فإن غاب رجل عن زوجته فشهد ثقات بوفاته فاعتدت زوجته للوفاة أبيح لها أن تتزوج فإن عاد الزوج بعد ذلك فحكمه حكم المفقود يخير زوجها بين أخذها وتركها وله الصداق وكذلك إن تظاهرت الأخبار بموته وقد روى الأثرم بإسناده عن أبي المليح عن شهية أن زوجها صيفي بن فشيل نعي لها من قيذائيل فتزوجت بعده ثم إن زوجها الأول قدم فأتينا عثمان وهو محصور فأشرف علينا فقال : كيف أقضي بينكم وأنا على هذا الحال ؟ فقلنا : قد رضينا بقولك فقضى أن يخير الزوج الأول بين الصداق وبين المرأة فرجعنا فلما قتل عثمان أتينا عليا فخير الزوج الأول بين الصداق وبين المرأة فاختار الصداق فأخذ مني ألفين ومن زوجي الآخر ألفين فإن حصلت الفرقة بشهادة محصورة فما حصل من غرامة فعليهما لأنهما سبب في إيجابها وإن شهدوا بموت رجل فقسم ماله ثم قدم فما وجد من ماله أخذه وما تلف منه تعذر رجوعه فيه فله تضمين الشاهدين لأنهما سبب الاستيلاء عليه وللمالك تضمين المتلف لأنه أتلف ماله بغير إذنه .
فصل : وإذا نكح رجل امرأة نكاحا متفقا على بطلانه مثل أن ينكح ذات محرمة أو معتدة يعلم حالها وتحريمها فلا حك لعقده والخلو بها كالخلوة بالأجنبية لا توجب عدة وكذلك الموت عنها لا يوجب عدة الوفاة وإن وطئها اعتدت لوطئه بثلاثة قروء منذ وطئها سواء فارقها أو مات عنها كما لو زنى بها من غير عقد وإن نكحها نكاحا مختلفا فيه فهو فاسد فإن مات عنها فنقل جعفر بن محمد أن عليها عدة الوفاة وهذا اختيار أبي بكر .
وقال أبو عبد الله بن حامد : ليس عليها عدة الوفاة وهو مذهب الشافعي لأنه نكاح لا يثبت الحل فأشبه الباطل فعلى هذا إن كان قبل الدخول فلا عدة عليها وإن كان بعده اعتدت بثلاثة قروء ووجه الأول أنه نكاح يلحق به النسب فوجبت به عدة الوفاة النكاح الصحيح وفارق الباطل فإنه لا يحلق به النسب وإن فارقها في الحياة بعد الإصابة اعتدت بعد فرقته بثلاثة قروء ولا اختلاف فيه وإن كان قبل الخلوة فلا عدة عليها فلا خلاف لأن المفارقة في الحياة في النكاح الصحيح لا عدة عليها بلا خلاف ففي الفاسد أولى وإن كان بعد الخلوة قبل الإصابة فالمنصوص عن أحمد أن عليها العدة لأنه مجرى مجرى النكاح الصحيح في لحوق النسب فكذلك في العدة وقال الشافعي : لا عدة عليها لوجهين أحدهما : أنها خلوة في غير نكاح صحيح أشبهت التي نكاحها باطل والثاني : أن الخلوة عنده في النكاح الصحيح لا توجب العدة ففي الفاسد أولى وهذا مقتضى قول ابن حامد .
فصل : في عدة المعتق بعضها ومتى كانت معتدة بالحمل أو بالقروء بالحمل أو بالقروء فعدتها كعدة الحرة لأن عدة الحامل لا تختلف بالرق والحرية وعدة الأمة بالقروء قرآن فأدنى ما يكون فيها من الحرية يوجب قرءا ثالثا لأنه لا يتبعض وإن كانت معتدة بالشهور إما للوفاة وإما للإياس أو الصغر فعدتها بالحساب من عدة حرة وأمة فإذا كان نصفها حرا فاعتدت للوفاة فعليها ثلاثة أشهر وثمان ليال لأن الليل يحسب مع النهار فيكون عليها ثلاثة أرباع ذلك وإن كانت معتدة بالشهور عن الطلاق وقلنا إن عدة الأمة شهر ونصف كان عدو المعتق نصفه شهرين وربعا وإن قلنا عدة الأمة شهران أوثلاثة أشهر فعدة بعضها كعدة الحرة سواء وأم الولد والمدبرة والمكاتبة عدتهن كعدة الأمة سواء لأنهن إماء