مسألة وفصل سقوط اللعان والحد بموت الزوج أو المقذوف قبل المطالبة به .
فصل وإذا قذفها ثم مات قبل لعانهما أو قبل إتمام لعانه سقط اللعان ولحقه الولد وورثته في قول الجميع لأن اللعان لم يوجد فلم يثبت حكمه وإن مات بعد أن أكمل لعانه وقبل لعانها فكذلك وقال الشافعي تبين بلعانه ويسقط التوارث وينتفي الولد ويلزمها الحد إلا أن تلتعن .
ولنا أنه مات قبل إكمال اللعان أشبه ما لو مات قبل إكمال التعانة وذل لأن الشرع إنما رتب هذه الأحكام على اللعان التام والحكم لا يثبت قبل كمال سببه وإن ماتت المرأة قبل اللعان فقد ماتت على الزوجية ويرثها في قول عامة أهل العلم روي عن ابن عباس إن التعن لم يرث ونحو ذلك عن الشعبي وعكرمة لأن اللعان يوجب فرقة تبين بها فيمنع التوارث كما لو التعن في حياتها .
ولنا أنها ماتت على الزوجية فورثها كما لو لم يلتعن ولأن اللعان سبب الفرقة فلم يثبت حكم بعد موتها كالطلاق وفارق اللعان في الحياة فإنه يقطع الزوجية على أننا قد ذكرنا أنه لو لاعنها ولم تلتعن هي لم تنقطع الزوجية أيضا فههنا أولى فإن قيل أليس قد قلتم لو التعن من الولد الميت ونفاه لم يرثه فكذلك الزوجة ؟ قلنا لو التعن الزوج وحده دونها لم ينتف الولد ولم يثبت حكم اللعان على ما ذكرنا ثم الفرق بينهما أنه إذا نفى الولد تبينا أنه لم يكن منه أصلا في حال من الأحوال والزوجة قد كانت امرأته فيما قبل اللعان وإنما يزيل نكاحها اللعان كما يزيله الطلاق وإذا ماتت قبله فقد ماتت قبل وجود ما يزيله فيكون موجودا حال الموت فيوجب التوارث وينقطع بالموت فلا يمكن انقطاعه مرة أخرى وإن أراد الزوج اللعان ولم تكن طالبت بالحد في حياتها لم يكن له أن يلتعن سواء كان ثم ولد يريد نفيه أو لم يكن .
وقال الشافعي إن كان ثم ولد يريد نفيه فله أن يلتعن وهذا ينبني على أصل وهو أن اللعان إنما يكون بين الزوجين فإن لعان الرجل وحده لا يثبت به حكم وعندهم بخلاف ذلك فأما إن كانت طالبت بالحد في حياتها فإن أولياءها يقومون في الطلب به مقامها فإن طولب به فله إسقاطه باللعان ذكره القاضي وإلا فلا لأنه لا حاجة إليه مع عدم الطلب فإنه لا حد عليه وقال أصحاب الشافعي : إن كان للمرأة وارث غير الزوج فله اللعان ليسقط الحد عن نفسه وإلا فلا لعدم الحاجة إليه .
فصل : وإذا مات المقذوف قبل المطالبة بالحد سقط ولم يكن لورثته الطلب به وقال أصحاب الشافعي يورث وإن لم يكن طالب به ل [ قول النبي A : من ترك حقا فلورثته ] ولأنه حق ثبت له في الحياة يورث إذا طالب به فيورث وإن لم يطالب به كحق القصاص .
ولنا أنه حد تعتبر فيه المطالبة فإذا لم يوجد الطلب من المالك لم يجب كحد القطع في السرقة والحديث يدل على أن الحق المتروك يورث وهذا ليس بمتروك وأما حق القصاص فإنه حق يجوز الإعتياض عنه وينتقل إلى المال بخلاف ما نحن فيه فأما إن طالب به ثم مات فإنه يرثه العصبات من النسب دون غيرهم لأنه حق يثبت لدفع العار فاختص به العصبات كولاية النكاح وهذا أحد الوجوه لأصحاب الشافعي ومتى ثبت للعصبات فلهم استيفاؤه وإن طلب أحدهم وحده فله استيفاؤه وإن عفا بعضهم لم يسقط وكان للباقين استيفاؤه ولو بقي واحد كان له استيفاء واحد كان له استيفاء جميعه لأنه حق يراد للردع والزجر فلم يتبعض كسائر الحدود ولا يسقط فيثبت له جميعه ولاية النكاح ويفارق حق القصاص لأن ذلك يفوت إلى بدل ولو أسقطناه ههنا لسقط حق غير العافي إلى غير بدل فعلى هذا لو قذف امرأته فماتت بعد المطالبة ولها أحد من عصباتها غيره فله استيفاؤه وإن كان زوجها عصبتها وليس لها أحد سواء سقط وإن كان لها من عصبتها غيره فله الطلب به ولا يسقط بما ذكرنا من أنه يكمل لكل واحد بخلاف القصاص