فصلان : اختلاف الزوجين في فصول التعليق .
فصل : إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها فأنكرها فالقول قوله لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق إلا أن يكون لها بما ادعته بينة ولا يقبل فيه إلا عدلان ونقل ابن منصور عن أحمد أنه سئل أتجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق قال لا والله إنما كان كذلك لأن الطلاق ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فلم يقبل فيه إلا عدلان كالحدود والقصاص فإن لم تكن بينة فهل يستحلف ؟ فيه روايتان نقل أبو الخطاب أنه يستحلف وهو الصحيح لقول النبي A : [ ولكن اليمين على المدعى عليه ] وقوله [ اليمين على من أنكر ] ولأنه يصح من الزوج بذله فيستحلف فيه كالمهر ونقل أبو طالب عنه لا يستحلف في الطلاق والنكاح لأنه لا يقضي فيه بالنكول فلا يستحلف فيه كالنكاح إذا ادعى زوجتيها فأنكرته وإن اختلفا في عدد الطلاق فالقول قوله لما ذكرناه فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين لم يحل لها تمكينه من نفسها وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت قال أحمد : لا يسعها أن تقيم معه وقال أيضا : تفتدي منه بما تقدر عليه فإن أجبرت على ذلك فلا تزين له ولا تقر به وتهرب إن قدرت وإن شهد عندها عدلان غير متهمين فلا تقيم معه وهذا قول أكثر أهل العلم قال جابر بن زيد وحماد بن أبي سليمان وبن سيرين : تفر منه ما استطاعت وتفتدي منه بكل ما يمكن وقال الثوري و أبو حنيفة و أبو يوسف و أبو عبيد تفر منه وقال مالك : لا تتزين له ولا تبدي له شيئا من شعرها ولا عريتها ولا يصيبها إلا وهي مكرهة وروي عن الحسن و الزهري و النخعي يستحلف ثم يكون الاثم عليه والصحيح ما قاله الأولون لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات وهكذا لو ادعى نكاح امرأة كذبا وأقام بذلك شاهدي زور فحكم له الحاكم بالزوجية ولو تزوجها تزويجا باطلا وسلمت إليه بذلك فالحكم في هذا كله كالحكم في المطلقة ثلاثا .
فصل : ولو طلقها ثلاثا ثم جحد طلاقها لم ترثه نص عليه أحمد وبه قال قتادة و أبو حنيفة و أبو يوسف و الشافعي و ابن المنذر وقال الحسن : ترثه لأنها في حكم الزوجات ظاهرا .
ولنا أنها تعلم أنها أجنبية فلم ترثه كسائر الأجنبيات وقال أحمد في رواية أبي طالب : تهرب منه ولا تتزوج حتى يظهر طلاقها وتعلم ذلك يجيء فيدعيها فترد عليه وتعاقب وإن مات ولم يقر بطلاقها لا ترثه لا تأخذ ما ليس لها تفر منه ولا تخرج من البلد ولكن تختفي في بلدها قيل له فإن بعض الناس قال تقتله هي بمنزلة من يدفع عن نفسه فلم يعجبه ذلك فمنعها من التزويج قبل ثبوت طلاقها لأنها في ظاهر الحكم زوجة هذا المطلق فإذا تزوجت غيره وجب عليها في ظاهر الشرع العقوبة والرد إلى الأول ويجتمع عليها زوجان هذا بظاهر الأمر وذاك بباطنه ولم يأذن لها في الخروج من البلد لأن ذلك يقوي التهمة في نشوزها ولأن في قتله قصدا لأن الدافع عن نفسه لا يقتل قصدا فأما إن قصدت الدفع عن نفسها فآل إلى نفسه فلا اثم عليها ولا ضمان في الباطن فأما في الظاهر فإنها تؤخذ بحكم القتل ما لم يثبت صدقها