فصول : حكم اليمين إذا قيدت بزمان أو مكان وفروع في تعليق الطلاق بصفة أو زمان .
فصل : ولو حلف لا يشتمه ولا يكلمه في المسجد ففعل ذلك في المسجد والمحلوف عليه من غيره حنث وإن فعله في غير المسجد والمحلوف عليه في المسجد لم يحنث ولو حلف لا يضربه ولا يشجه ولا يقتله في المسجد ففعله والحالف في المسجد والمحلوف عليه في غيره لم يحنث وإن كان الحالف في غير المسجد والمحلوف عليه في المسجد حنث لأن الشتم والكلام قول يستقل به القائل فلا يعتبر فيه حضور المشتوم فيوجد من الشاتم في المسجد وإن لم يكن المشتوم فيه والكلام قول فهو كالشتم وسائر الأفعال المذكورة فعل متعد محله المضروب والمقتول والمشجوج فإذا كان محله في غير المسجد كان الفعل في غيره فيعتبر محل المفعول به ولو حلف ليقتلنه يوم الجمعة فجرحه يوم الخميس ومات يوم الجمعة فقال القاضي : لا يحنث وإن جرحه يوم الجمعة فمات يوم السبت فقال : يحنث لأنه لا يكون مقتولا حتى يموت فاعتبر يوم موته لا يوم ضربه ويتوجه أن يكون الحكم بالعكس في المسألتين فيعتبر يوم جرحه لا يوم موته لأن القتل فعل القاتل ولهذا يصح الأمر به والنهي عنه قال الله تعالى : { اقتلوا المشركين } { ولا تقتلوا أولادكم } والأمر والنهي إنما يتوجه إلى فعل ممكن فعله وتركه وذلك فعل الآدمي من الجرح ونحوه أما الزهوق ففعل الله لا يؤمر به ولا ينهى عنه ولا سبيل للآدمي إلا إلى تعاطي سببه وهو شرط في القتل فإذا وجد تبينا أن الفعل المفضي إليه كان قتلا ولذلك جاز تقديم الكفارة بعد الجرح وقبل الزهوق ولو حلف لأقتلنه فمات من جرح كان جرحه لم يبر ولو حلف لا يقتله لم يحنث بذلك أيضا ويحتمل أن لا يبر حتى يوجد السبب والزهوق معا في يوم الجمعة لأن القتل لا يتم إلا بسببه وشرطه فأما بنسبته إلى الشرط وحده دون السبب فبعيد .
فصل : إذا قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فبشرته إحداهن وهي صادقة طلقت وإن كانت كاذبة لم تطلق لأن التبشير خبر صدق يحصل به ما يغير البشرة من سرور أو غم وإن أخبرته به أخرى لم تطلق لأن السرور إنما يحصل بخبرها فكان هو البشارة وإن بشره بذلك اثنتان أو ثلاث أو الأربع في دفعة واحدة طلقن كلهن لأن من تقع على الواحد فما زاد قال الله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وقال : { ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين } ولو قال من أخبرتني بقدوم أخي فهي طالق فقال القاضي هو كالبشارة لا تطلق إلا المخبرة الأولى الصادقة دون غيرها لأن مراده خبر يحصل له به العلم بقدومه ولا يحصل ذلك بكذب ولا بغير الأول .
ويحتمل أن تطلق كل مخبرة صادقة كانت أو كاذبة أولا كان أو غيره لأن الخبر يكون صادقا وكذبا وأولا ومكررا وهو اختيار أبي الخطاب والأول قول القاضي ومذهب الشافعي على نحو هذا التفصيل .
فصل : وإن قال أول من تقوم منكن فهي طالق أو قال لعبيده أول من قام منكم فهو حر فقام الكل دفعة واحدة لم يقع طلاق ولا عتق لأنه لا أول فيهم وإن قال واحد أو واحدة ولم يقم بعده أحد احتمل وجهين : .
أحدهما : يقع الطلاق والعتق لأن الأول ما لم يسبقه شيء وهذا كلذلك .
والثاني : لا يقع طلاق ولا عتق لأن الأول ما كان بعده شيء ولم يوجد فعلى هذا لا يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه حتى يتبين من قيام أحد منهم بعده فتنحل يمينه وإن قال اثنان أو ثلاثة دفعة واحدة وقام بعدهم آخر ووقع الطلاق والعتق بالجماعة الذين قاموا في الأول لأن الأول يقع على الكثير والقليل قال الله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } .
وحكي عن القاضي فيمن قال أول من يدخل من عبيدي فهو حر فدخل اثنان دفعة واحدة ثم دخل بعدهما ثالث لم يعتق واحد منهم وهذا بعيد فإنهم قد دخل بعضهم بعد بعض ولا أول فيهم وهذا لا يستقيم إلا أن يكون قال أول من يدخل منكم وحده ولم يدخل بعد الثالث أحد فإنه لو دخل بعد الثالث أحد عتق الثالث لكونه أول من دخل وحده وإذا لم يقل وحده فإن لفظة الأول يتناول الجماعة كما ذكرنا وقال النبي A : [ أول من يدخل الجنة فقراء المهاجرين ] .
ولو قال : آخر من يدخل منكن الدار فهي طالق فدخل بعضهن لم يحكم بطلاق واحدة منهن حتى يتبين من دخول غيرها بموته أو موتهن أو غير ذلك فنتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا من حين دخلت وكذلك الحكم في العتق