فصول : اعتبار النية في الطلاق وعدم اعتبارها .
فصل : وإذا قالت له امرأة من نسائه : طلقني فقال : نسائي طوالق ولا نية له طلقن كلهن بغير خلاف لأن لفظه عام وإن قالت له : طلق نساءك فقال : نسائي طوالق فكذلك وحكي عن مالك أن السائلة لا تطلق في هذه الصورة لأن الخطاب العام يقصر على سببه الخاص وسببه سؤال طلاق من سواها .
ولنا أن اللفظ عام فيها ولم يرد به غير مقتضاه فوجب العمل بعمومه كالصورة الألى والعمل بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب لأن دليل هو اللفظ فيجب اتباعه والعمل بمقتضاه في خصوصه وعمومه ولذلك لو كان أخص من السبب لوجب قصره على خصوصه واتباع صفة اللفظ دون صفة السبب فإن أخرج السائلة بنيته دين فيما بينه وبين الله تعالى في الصورتين وقبل في الحكم في الصورة الثانية لأن خصوص السبب دليل على نيته ولم يقبل في الصورة الأولى قاله ابن حامد لأن طلاقه جواب لسؤالها الطلاق لنفسها فلا يصدق في صرفه عنها لأنه يخالف الظاهر من وجهين ولأنها سبب الطلاق وسبب الحكم لا يجوز إخراجه من العموم بالتخصيص وقال القاضي : يحتمل أن لا تطلق لأن لفظه عام والعام يحتمل التخصيص .
فصل : فإن قال : أنت طالق إن دخلت الدار ثم قال : إنما أردت الطلاق في الحال لكن سبق لساني إلى الشرط طلقت في الحال لأنه أقر على نفسه بما يوجب الطلاق فلزمه كما لو قال قد طلقتها فإن قال بعد ذلك : كذبت وإنما أردت طلاقها عند الشرط دين في ذلك ولم يقبل في الحكم لأنه رجوع عما أقر به .
فصل : وقول الخرقي : وستثنى شيئا بقلبه يدل بمفهومه على أنه إذا استثنى بلسانه صح ولم يقع ما استثناه وهو قول جماعة أهل العلم قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا واحدة انها تطلق طلقتين منهم الثوري و الشافعي وأصحاب الرأي وحكي عن أبي بكر أن الاستثناء لا يؤثر في عدد الطلقات ويجوز في المطلقات فلو قال : أنت طلق ثلاثا إلا واحدة وقع الثلاث ولو قال نسائي طوالق إلا فلانه لم تطلق لأن الطلاق لا يمكن رفعه بعد إيقاعه والاستثناء يرفعه لو صح وما ذكره من التعليل باطل بما سلمه من الاستثناء في المطلقات وليس الاستثناء رفعا لما وقع إذ لو كان كذلك لما صح في المطلقات ولا الاعتاق ولا في الإقرار ولا الإخبار وإنما هو مبين أن المستثني غير مراد بالكلام فهو يمنع أن يدخل فيه ما لولاه الدخل فقوله تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين } عاما عبارة عن تسعمائة وخمسين وقوله تعالى : { إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني } تبرؤ من غير الله فكذلك قوله أنت طالق ثلاثا إلا واحدة عبارة عن اثنين لا غير وحرف الاستثناء المستولى عليه إلا ويشبه به أسماء وأفعال وحروف فالأسماء غير وسوى والأفعال ليس ولا يكون وعدا والحروف حاشا وخلا فأي كلمة استثني بها صح الاستثناء