مسالة وفصول : مخالعة الأمة بغير إذن سيدها ومخالعة الأمة لسفه .
مسالة : قال : وإذا خالعته الأمة بغير إذن سيدها على شئ معلوم كان الخلع واقعا ويتبعها إذا عتقت يمثله أن كان له مثل وإلا فقيمته .
في هذه المسالة ثلاثة فصول : .
الفصل الأول : أن الخلع مع الأمة صحيح سواء كان بإذن سيدها أو بغير إذنه لأن الخلع يصح مع الأجنبي فمع الزوجة اولى ويكون طلاقها على عوض بائنا والخلع معها كالخلع مع الحرة سواء .
الفصل الثاني : أن الخلع إذا كان بغير إذن سيدها على شيء في ذمتها فانه يتبعنها إذا عتقت لأنه رضي بذمتها ولو كان على عين فالذي ذكر الخرقي انه يثبت في ذمتها مثله أو قيمته إن لم يكن مثليها لانها لاتملك العين وما في يدها من شيء فهو لسيدها فيلزمها بذله كما لو خالعها على علد فخرج حرا أو مستحقا وقياس المذهب انه لاشيء له أنه إذا خالعها على عين وهو يعلم أنها أمة فقد علم إنها لا تملك العين فيكون راضيا بغير عوض فلا يكون له شيء كما لو قال : خالعتك على هذا الغصوب أو هذا الحر وكذلك ذكر القاضي في المجرد قال : هو كالخلع على المغصوب لإنها لا تملكها وهذا قول مالك وقال الشافعي : يرجع عليها بمهر المثل كقوله في الخلع على الحر والمغصوب ويمكن حمل كلام الخرقي على أنها ذكرت لزوجها أن سيدها إذن لها في هذا الخلع بهذه العين ولم تكن صادقة أو جهل إنها لا تملك العين أو يكون اختاره فيما إذا خالعها على مغصوب انه يرجع عليها بقيمته ويكون الرجوع عليها في حال عتقها لأنه الوقت الذي تملك فيه فهي كالمعسر يرجع في حال يساره ويرجع بقيمتها و مثله لأنه مستحق تعذر تسليمه مع بقاء سبب الاستحقاق فوجب الرجوع بمثله أو قيمته كالمغصوب .
الفصل الثالث : إذا كان الخلع بأذنه السيد تعلق العوض بذمته هذا قياس كما لو أذن لعبده في الاستدانة ويحتمل أن يتعلق برقبة الأمة وان خالعت على معين بإذن السيد فيه ملكه وإن أذن في قدر المال فخالعت بأكثر منه فالزيادة في ذمتها وان أطلق الأذن اقتضى الخلع بالمسمى لها فان خالعت به أو بما دونه لزم السيد وان كان بأكثر منه تعلقت الزيادة بذمتها كما لو عين لها قدرا فخالعت بأكثر منه وان كانت مأذونا لها في التجارة سلمت العوض مما في يدها .
فصل : والحكم في المكاتبة كالحكم في الأمة القن سواء لأنها لأتملك التصرف فيما في يدها بتبرع وما لاحظ فيه وبذل المال في الخلع لا فائدة فيه من حيث تحصيل المال بل فيه ضرر بسقوط نفقتها وبعض مهرها إن كانت غير مدخول بها وإذا كان الخلع بغير إذن السيد فالعوض في ذمتها يتبعها به بعد العتق وإن كان بإذن السيد مما في يدها وان لم يكن في يدها شيئا فهو على سيدها .
فصل : ويصح خلع المحجور عليها لفلس وبذلها للعوض صحيح لأن لها ذمة يصح بصرفها فيها ويرجع عليها بالعوض إذا أيسرت وفك الحجر عنها وليس له مطالبتها في حال حجرها كما لو استدانت منه أو باعها شيئا في ذمتها .
فصل : فأما المحجور عليها لسفه أو صغر أو جنون فلا يصح بذل العوض منها في الخلع لأنه تصرف في المال وليس هي من أهله وسواء أذن فيه الولي أو لم يأذن لأنه ليس له الأذن في التبرعات وهذا كالتبرع وفارق الأمة فإنها أهل التصرف ولهذا تصح منها الهبة وغيرها من التصرفات بأذنه ويفارق المفلسة لأنها من أهل التصرف فان خالع المحجور عليها بلفظ يكون طلاقا فهو طلاق رجعي ولا يستحق عوضا وإن لم يكن اللفظ مما يقع به الطلاق كان كالخلع بغير عوض ويحتمل أم لا يقع الخلع ههنا لأنه إنما رضي به بعوض ولم يحصل له ولا أمكن الرجوع بدله قال أصحابنا : وليس لولي هؤلاء المخالعة بشيء من مالهن لأنه إنما يملك التصرف بما لها فيه الحظ وهذا لا حظ فيه بل فيه إسقاط نفقتها ومسكنها وبذل مالها ويحتمل أن يملك ذلك إذا رأى الحظ فيه أن يكون الحظ لها فيه بتخليصها ممن يتلف مالها وتخاف منه على نفسها وعقلها ولذلك لم يعد بذل المال في الخلع تبذيرا ولا سفها فيجوز له بذل مالها لتحصيل حظها وحفظ نفسها ومالها كما يجوز بذله في مداواتها وفكها من السر وهذا مذهب مالك والأب وغيره من أوليائها في هذا سواء وان خالعها بشيء من ماله جاز لأنه يجوز من الأجنبي فمن الولي أولى