فصول : يجب المهر للمنكوحة نكاحا فاسدا أو صحيحا أو بشبهة .
فصل : ويجب المهر للمنكوحة نكاحا صحيحا والموطوءة في نكاح فاسد والموطوءة بشبهة بغير خلاف نعلمه ويجب للمكرهة على الزنا وعن أحمد رواية أخرى أن لا مهر لها إن كانت ثيبا واختاره أبو بكر ولا يجب مع ذلك أرش البكارة وذكر القاضي أن أحمد قد قال في رواية أبي طالب في حق الأجنبية إذا أكرهها على الزنا وهي بكر فعليه المهر وأرش البكارة وهذا قول الشافعي وقال أبو حنيفة لا مهر للمكرهة على الزنا .
ولنا قول النبي A : [ فلها المهر بما استحل من فرجها ] وهذا حجة على أبي حنيفة فإن المكره مستحل لفرجها فإن استحلال الفعل في غير موضع الحل كقوله عليه السلام : [ ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ] وهو حجة على من أوجب الأرش لكونه أوجب المهر وحده من غير أرش ولأنه استوفى ما يجب بدله بالشبهة وفي العقد الفاسد كرها فوجب بدله كإتلاف الملا وأكل طعام الغير .
ولنا على أنه لا يجب الأرش أنه وطء ضمن بالمهر فلم يجب معه أرش كسائر الوطء يحققه أن المهر بدل المنفعة المستوفاة بالوطء وبدل المتلف لا يختلف بكونه في عقد فاسد وكونه تمحض عدوانا ولأن الأرش يدخل في المهر لكون الواجب لها مهر المثل البكر يزيد على مهر الثيب ببكارتها فكانت الزيادة في المهر مقابلة لما أتلف من البكارة فلا يجب عوضها مرة ثانية يحققه أنه إذا أخذ أرش البكارة مرة لم يجز أخذه مرة أخرى فتصير كأنها معدومة فلا يجب لها إلا مهر ثيب ومهر الثيب مع أرش البكارة هو مهر مثل البكر فلا تجوز الزيادة عليه والله أعلم .
فصل : ولا فرق بين كون الموطوءة أجنبية أو من ذوات محارمه وهو اختيار أبي بكر ومذهب النخعي و مكحول و أبي حنيفة و الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أن ذوات محارمه من النساء لا مهر لهن وهو قول الشعبي لأن تحريمهن أصل فلا يستحق به مهر كاللواط وفارق من حرمت تحريم المصاهرة فإن تحريمها طارئ وكذلك ينبغي أن يكون الحكم في من حرمت بالرضاع لأنه طارئ أيضا وعن أحمد رواية أخرى أن من تحرم ابنتها لا مهر لها كالأم والبنت والأخت ومن تحل ابنتها كالعمة والخالة فلها المهر لأن تحريمها أخف .
ولنا أن ما ضمن للأجنبي ضمن للمناسب كالمال ومهر الأمة ولأنه أتلف منفعة بضعها بالوطء فلزمه مهرها كالأجنبية ولأنه محل مضمون على غيره فوجب عليه ضمانه كالمال وبهذا فارق اللواط فإنه ليس بمضمون على أحد .
فصل : ولا يجب المهر بالوطء في الدبر ولا اللواط لأن الشرع لم يرد ببدله ولا هو إتلاف لشيء فأشبه القبلة والوطء دون الفرج ولا يجب للمطاوعة على الزنا لأنها باذلة لما يجب بذله لها فلم يجب لها شيء كما لو أذنت له في قطع يدها فقطعها إلا أن تكون أمة فيكون المهر لسيدها ولا يسقط ببذها لأن الحق لغيرها فأشبه ما لو بذلت قطع يدها .
فصل : ولو طلق امرأته قبل الدخول طلقة وظن أنها لا تبين بها فوطئها لزمه مهر المثل ونصف المسمى وقال مالك لا يلزمه إلا مهر واحد .
ولنا أن المفروض ينتصف بطلاقه بقوله سبحانه : { فنصف ما فرضتم } ووطؤه بعد ذلك عري عن العقد فوجب به مهر المثل كما لو علم أو كغيرها أو كما لو وطئها غيره .
فصل : ومن نكاحها باطل بالإجماع كالزوجة والمعتدة إذا نكحها رجل فوطئها عالما بالحال وتحريم الوطء وهي مطاوعة عالمة فلا مهر لها لأنه زنا يوجب الحد وهي مطاوعة عليه وإن جهلت تحريم ذلك أو كونها في العدة فالمهر لها لأنه وطء شبهة .
وقد روى أبو داود بإسناده أن رجلا يقال له نصر بن أكتم نكح امرأة فولدت لأربعة أشهر فجعل النبي A لها الصداق وفي لفظ قال : [ الصداق بما استحللت من فرجها فإذا ولدت فاجلدوها ] وروى سعيد في سننه عن عمران بن كثير أن عبد الله بن الحر تزوج جارية من قومه يقال لها الدرداء فانطلق عبيد الله فلحق بمعاوية ومات أبو الجارية فزوجها أهلها رجلا يقال له عكرمة فبلغ ذلك عبيد الله فقدم فخاصمهم إلى علي Bه فقصوا عليه قصتهم فرد عليه المرأة وكانت حاملا من عكرمة فوضعت على يدي عدل فقالت المرأة لعلي : أنا أحق بمالي أو عبيد الله ؟ قال : بل أنت أحق بمالك قالت : فاشهدوا أن ما كان لي على عكرمة من صداق فهو له فلما وضعت ما في بطنها ردها على عبيد الله بن الحر وألحق الولد بأبيه