فصول : جهالة المهر تفصيلا مع العلم به إجمالا .
فصل : إذا تزوج أربع نسوة في عقد واحد بمهر واحد مثل أن يكون لهن ولي واحد كبنات الأعمام أو موليات لمولى واحد أو من ليس لهن ولي فزوجهن الحاكم أو كان لهن أولياء فوكلوا وكيلا واحدا فعقد نكاحهن مع رجل فقبله فالنكاح صحيح والمهر صحيح وبهذا قال أبو حنيفة وهو أشهر قولي الشافعي .
والقول الثاني : أن المهر فاسد ويجب مهر المثل لأن ما يجب لكل واحدة منهن من المهر غير معلوم .
ولنا أن الفرض في الجملة معلوم فلا يفسد لجهالته في التفصيل كما لو اشترى أربعة أعبد من رجل بثمن واحد وكذلك الصبرة بثمن واحد وهو لا يعلم قدر قفزانها .
إذا ثبت هذا فإن الصداق يقسم بينهن على قدر مهورهن في قول القاضي و ابن حامد وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه و الشافعي وقال أبو بكر : يقسم بينهن بالسوية لأنه إضافة إليهن إضافة واحدة فكان بينهن بالسوية كما لو وهبه لهن أو أقر به لهن وكما لو اشترى جماعة ثوبا بأثمان مختلفة ثم باعوه مرابحة أو مساومة كان الثمن بينهم بالسواء وإن اختلفت رؤوس أموالهم ولأن القول بتقسيطه يفضي إلى جهالة العوض لكل واحد منهن وذلك يفسده .
ولنا أن الصفقة اشتملت على سببين مختلفي القيمة فوجب تقسيط العوض عليهما بالقيمة كما لو باع شقصا وسيفا أو كما ابتاع عبدين فوجد أحدهما حرا أو مغصوبا وقد نص أحمد فيمن ابتاع عبدين فإذا أحدهما حر أنه يرجع بقيمته من الثمن وكذلك نص فيمن تزوج على جاريتين فإذا إحداهما حرة أنه يرجع بقيمة الحرة ولو اشترى عبدين فوجد أحدهما معيبا فرده لرجع بقسطه من الثمن وما ذكره من المسألة غير مسلم له وإن سلم فالقيمة واحدة بخلاف مسألتنا .
وأما الهبة والإقرار فليس فيهما قيمة يرجع إليها ونفسم الهبة عليهما بخلاف مسألتنا وإفضاؤه إلى جهالة التفصيل لا يمنع الصحة إذا كان معلوم الجملة ويتفرع عن هذه المسألة إذا خالع امرأتين بعوض واحد أو كاتب عبيدا بعوض واحد أنه يصح مع الخلاف فيه ويقسم العوض في الخلع على قدر المهرين وفي الكتابة على قدر قيمة العبيد وعلى قول أبي بكر يقسم بالسوية في المسألتين .
فصل : وإذا تزوج امرأتين بصداق واحد وإحداهما ممن لا يصح العقد عليها لكونها محرمة عليه أو غير ذلك وقلنا بصحة النكاح في الأخرى فلها بحصتها من المسمى وبه قال الشافعي على قول و أبو يوسف وقال أبو حنيفة : المسمى كله للتي يصح نكاحها لأن العقد الفاسد لا يتعلق به حكم بحال فصار كأنه تزوجها والحائظ بالمسمى .
ولنا أنه عقد على عينين إحداهما لا يجوز القعد عليها فلزمه في الأخرى بحصتها كما لو باع عبده وأم ولده وما ذكروه ليس بصحيح فإن المرأة في مقابلة نكاحها مهر بخلاف الحائط .
فصل : فإن جمع بين نكاح وبيع فقال زوجتك ابنتي وبعتك داري هذه بألف صح ويقسط الألف على صداقها وقيمة الدار وإن قال زوجتك ابنتي واشتريت منك عبدك هذا بألف فقال : بعتكه وقبلت النكاح صح ويقسط الألف على العبد ومهر المثل وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يصح البيع والمهر لإفضائه إلى الجهالة .
ولنا أنهما عقدان يصح كل واحد منهما منفردا فصح جمعهما كما لو باعه ثوبين فإن قال : زوجتك ولك هذا الألف بألفين لم يصح المهر لأنه كمسألة مد عجوة منك عبدك هذا بألف فقال : بعتكه وقبلت النكاح صح ويقسط الألف على العبد ومهر المثل وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يصح البيع والمهر لإفضائه إلى الجهالة .
ولنا أنهما عقدان يصح كل واحد منهما منفردا فصح جمعهما كما لو باعه ثوبين فإن قال : زوجتك ولك هذا الألف بألفين لم يصح المهر لأنه كمسألة مد عجوة