فصلان : حكم ما لو طلقت قبل الدخول وقد تصرفت بالمهر .
فصل : إذا طلق المرأة قبل الدخول وقد تصرفت في الصداق بعقد من العقود لم يخل من ثلاثة أقسام : .
أحدها : ما يزيل الملك عن الرقبة كالبيع والهبة والعتق فهذا يمنع الرجوع وله نصف القيمة لزوال ملكها وانقطاع تصرفها فإن عادت العين إليها قبل طلاقها ثم طلقها وهي في يدها بحالها فله الرجوع في نصفها لأنه وجدها بعينها فأشبه ما لو لم يخرجها ولا يلزم الوالد إذا وهب لولده شيئا فخرج عن ملكه ثم عاد إليه حيث لا يملك الوجوع فيه لأننا نمنع ذلك وإن سلمناه فإن حق الوالد سقط بخروجه عن يد الولد بكل حال بدليل أنه لا يطالب ببذله والزوج لم يسقط حقه بالكلية بل يرجع بنصف قيمته عند عدمه فإذا وجد كان الرجوع في عينه أولى وفي معنى هذه التصرفات الرهن فإنه وإن لم يزل الملك عن الرقبة لكنه يراد للبيع المزيل للملك ولذلك لا يجوز رهن ما لا يجوز بيعه ففي الرجوع في العين إبطال لحق المرتهن من الوثيقة فلم يجز وكذلك الكتابة فإنها تراد للعتق المزيل للملك وهي عقد لازم فجرت مجرى الرهن فإن طلق الزوج قبل إقباض الهبة أو الرهن أو في مدة الخيار في البيع ففيه وجهان : .
أحدهما : لا تجبر على رد نصفه إليه لأنه عقدته في ملكها فلم تملك إبطاله كاللازم ولأن ملكها قد زال فلم تملك الرجوع في ما ليس بمملوك لها .
والثاني : تجبر على تسليم نصفه لأنها قادرة على ذلك ولا زيادة فيها ول الشافعي قولان كهذين الوجهين فإما إن طلقها بعد تقبيض الهبة والرهن ولزوم البيع فلم يأخذ قيمة النصف حتى فسخ البيع والرهن والهبة لم يكن له الرجوع في نصفها لأن حقه يثبت في القيمة .
الثاني : تصرف غير لازم لا ينقل الملك كالوصية والشركة والمضاربة فهذا لا يبطل حق الرجوع في نصفه ويكون وجود هذا التصرف كعدمه لأنه تصرف لم ينقل الملك ولم يمنع المالك من التصرف فلا يمنع من له الرجوع على المالك من الرجوع كالإيداع فأما إن دبرته فظاهر المذهب أنه لا يمنع الرجوع لأنه وصية أو تعليق نصفه وكلاهما لا يمنع الرجوع ولأنه لا يمنع البيع فلم يمنع الرجوع كالوصية ولا يجبر الزوج على الرجوع في نصفه بل يخير بين ذلك وبين أخذ نصف قيمته لأن شركة من نصفه مدبر نقص ولا يؤمن أن يرفع إلى حاكم حنفي فيحكم بعتقه وإن كانت أمة فدبرتها خرج على الروايتين إن قلنا تباع في الدين فهي كالعبد وإن قلنا لا تباع لم يجبر الزوج على الرجوع في نصفها وإن كانت الأمة أو العبد لم يجبر الزوج على الرجوع في العبد لأنه نقص وإن اختار الرجوع وقلنا الكتابة تمنع البيع منعت الرجوع وإن قلنا لا تمنع البيع أحتمل أن لا تمنع الرجوع كالتدبير واحتمل أن تمنعه لأن الكتابة عقد لازم يراد لإزالة الملك فمنعت الرجوع كالرهن .
الثالث : تصرف لازم لا يراد لإزالة الملك كالإجارة والتزويج فهذا نقص فيتخير بين أن يرجع في نصفه ناقصا لأنه رضي بحقه ناقصا وبين الرجوع في نصف قيمته فإن رجع في نصف المستأجر صبر حتى تنفسخ الإجارة فإن قيل فقد قلتم في الطلع الحادث في النخل إذا قال : أنا أصبر حتى تنتهي الثمرة لم يكن له ذلك قلنا الفرق بينهما أن في تلك المسألة تكون المنة له فلا يلزمها منته بخلاف مسألتنا ولأن ذلك يؤدي إلى التنازع في سقي الثمرة ووقت جذاذها وقطعها لخوف العطش أو غيره بخلاف مسألتنا .
فصل : فإن أصدقها شقصا فهل للشفيع أخذه ؟ على وجهين فإن قلنا له أخذه فأخذه ثم طلق الزوج رجع في نصف قيمته لأنه قد زال ملكها عنه وإن طلقها قبل أخذه بالشفعة وطالب الشفيع ففيه وجهان : .
أحدهما : يقدم الشفيع لأن حقه أسبق فإنه ثبت بالنكاح وحق الزوج ثبت بالطلاق ولأن الزوج يرجع إلى بدله وهو نصف القيمة وحق الشفيع إذا بطل بغير بدل .
والثاني : يقدم الزوج لأن حقه آكد فإنه ثبت بنص القرآن والإجماع وحق الشفعة مجتهد فيه غير مجمع عليه فعلى هذا يكون للشفيع أخذ النصف الباقي بنصف ما كان يأخذ به الجميع .
أحدهما : يقدم الشفيع لأن حقه أسبق فإنه ثبت بالنكاح وحق الزوج ثبت بالطلاق ولأن الزوج يرجع إلى بدله وهو نصف القيمة وحق الشفيع إذا بطل بغير بدل .
والثاني : يقدم الزوج لأن حقه آكد فإنه ثبت بنص القرآن والإجماع وحق الشفعة مجتهد فيه غير مجمع عليه فعلى هذا يكون للشفيع أخذ النصف الباقي بنصف ما كان يأخذ به الجميع