مسألة وفصلان : مقدار المهر .
مسألة : قال : وإذا كانت المرأة بالغة رشيدة أو صغيرة عقد عليها أبوها فأي صداق اتفقوا عليه فهو جائز إذا كان شيئا له نصف يحصل .
في هذه المسالة ثلاث فصول : .
الفصل الأول : أن الصداق غير مقدر لا أقله ولا أكثره بل كل ما كان ما لا جاز أن يكون صداقا وبهذا قال الحسن و عطاء و عمرو بن دينار و ابن أبي ليلى و الثوري و الأوزاعي و الليث و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و داود وزج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين وقال : لو أصدقها سوطا لحلت وعن سعيد بن جبير و النخعي و ابن شبرمة و مالك و أبي حنيفة هو مقدر الأقل ثم اختلفوا فقال مالك و أبو حنيفة : أقله ما يقطع به السارق وقال ابن شبرمة : خمسة دراهم وعن النخعي أربعون درهما وعنه عشرون وعنه رطل من الذهب وعن سعيد بن جبير خمسون درهما واحتج أبو حنيفة بما روي عن النبي A أنه قال : [ لا مهر أقل من عشرة دراهم ] ولأنه يستباح به عضو فكان مقدرا كالذي يقطع به السارق .
ولنا [ قول النبي A للذي زوجه : هل عندك من شيء تصدقها ؟ قال : لا أجد قال : التمس ولو خاتما من حديد ] متفق عليه و [ عن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله A : أرضيت من نفسك ومالك بنعلين ؟ قالت : نعم فأجازه ] أخرجه أبو داود و الترمذي وقال : حديث حسن صحيح و [ عن جابر أن رسول الله A قال : لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعاما كانت له حلالا ] رواه الإمام أحمد في المسند وفي لفظ عن جابر قال : كنا ننكح على عهد رسول الله A على القبضة من الطعم رواه الأثرم ولأن قول الله D : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } يدخل فيه القليل والكثير ولأنه بدل منفعتها فجاز ما تراضيا عليه من المال كالعشرة وكالأجرة وحديثهم غير صحيح رواه ميسرة بن عبيد وهو ضعيف عن الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ورووه عن جابر وقد روينا عنه خلافه أو نحمله على مهر امرأة بعينها أو على الإستحاب وقياسهم لا يصح فإن النكاح إستباحة الإنتفاع بالجملة والقطع إتلاف عضو دون إستباحته وهو عقوبة وحد وهذا عوض فقياسه على الأعواض أولى وأما أكثر الصداق فلا توقيت فيه فإجماع أهل العلم قاله ابن عبد البر وقد قال الله D : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } وروى أبو حفص بإسناده أن عمر أصدق أم كلثوم ابنة علي أربعين ألفا وعن عمر Bه أنه قال : خرجت وأنا أريد أن أنهى عن كثرة الصداق فذكرات هذه الآية { وآتيتم إحداهن قنطارا } وقال أبو صالح : القنطار مائة رطل وقال أبو سعيد الخدري : ملء مسك ثور ذهبا وعن مجاهد سبعون ألف مثقال .
فصل : ويستحب أن لا يغلي الصداق لما روي عن عائشة عن النبي A أنه قال : [ أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ] رواه أبو حفص بإسناده وعن أبي العجفاء قال : قال عمر Bه : ألا لا تغلو صداق النساء فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم رسول الله A ما أصدق رسول الله A امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه وحتى يقول كلفت لكم علق القربة أخرجه النسائي و أبو داود مختصرا وعن أبي سلمة قال : سألت عائشة عن صداق النبي A فقالت اثنتا عشرة أوقية ونش فقلت : وما ونش ؟ قالت : نصف أوقية أخرجاه أيضا والأوقية أربعون درهما فلا تستحب الزيادة على هذا لأنه إذا كثر ربما تعذر عليه فيتعرض للضرر في الدنيا والآخرة